
كلمة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي : ( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وكونوا مع الصادقين )
بسمه تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[1]
(التوبة-119)
لكي نفهم الآية الكريمة، ونعرض انفسنا عليها ونتحقق من نسبة التزام الامة بها، مع ما يتضمن ذلك من دروس جليلة نلفت النظر الى عدة امور :.
1- اول ما يلاحظ في الآية استعمال اداة النداء (يَا أَيُّهَا) وجعل المنادى هم المتصفون بصفة الايمان مع ان الجميع مخاطبون[2] بهذا الامر، وذلك لعدة نكات (منها) تشريف المؤمنين بتوجيه الخطاب اليهم دون غيرهم من المأمورين (ومنها) لألفات عناية المؤمنين واثارة انتباههم الى ما يكمل به ايمانهم (ومنها) اشعارهم بمسؤوليتهم الخاصة كمؤمنين عن هذا الذي دعوا اليه أي انكم بصفتكم مؤمنين يجب ان تكونوا كذلك، ولو كانت الجملة بلا اداة نداء ومنادى واقتصر على بيان الامر المطلوب (اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) لما حصلت هذه العناية ولا الالتفات الى المسؤولية او كانت بدرجة اقل، كما انك حين تخاطب الشباب بتوجيه ما تبتدئ كلامك بـ (يا أيها الشباب) لالفات نظرهم الى ان هذا الخطاب موجه لهم بما هم شباب، او تقول ايها العراقيون عند طرح قضية وطنية تهمهم، او يا طلبة الحوزة العلمية.
والخلاصة ان الآية تفيد انكم اذا كنتم تريدون ان تكونوا مؤمنين حقا فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين ولها دلالة بالاتجاه المعاكس أي انكم اذا اتقيتم الله ووجدتم انفسكم في صف الصادقين فأنكم مؤمنون حقا، وإلا ينطبق عليكم قوله تعالى (قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات14)، فالآية هنا تنفي بعض مراتب الايمان الصادقة حقيقة، وهناك آيات اخرى تثبته بلحاظ المراتب الأدنى كقوله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) (يوسف106)