كربلاء: مدرسة الشباب الواعي (الشباب الحسيني المعاصر) في اليوم العالمي للشباب

الكاتبة / زينب الاسدي

عضو مجلس محافظة ذي قار

 

في يوم الشباب العالمي، الذي يُحتفل به سنويًا في 12 أغسطس، نقف وقفة تأمل في معنى الشباب ودورهم المحوري في صناعة الحاضر وبناء المستقبل. ولعل من أنصع النماذج التاريخية التي تُبرز مكانة الشباب في مسيرة التغيير هم الشباب الحسيني الذين سطروا أروع صور التضحية والثبات إلى جانب الإمام الحسين (عليه السلام) في ملحمة كربلاء الخالدة، ونستحضر النماذج التي خلّدها التاريخ ،من علي الأكبر الذي كان شبيه النبي خَلقًا وخُلقًا، إلى القاسم بن الحسن الذي قال “الموت أحلى من العسل”، والعباس ابن علي الذي قال “والله إن قطعتم يميني، إني أحامي أبداً عن ديني”، و وهب النصراني وغيرهم ….فنرى نموذجًا فريدًا لشباب ضحّوا بأعمارهم في سبيل الدفاع عن المبدأ والقيم ببطولاتهم وإيمانهم ولم يساوموا على دينهم أو إنسانيتهم، بل واجهوا الظلم بروحٍ قوية، وبإيمان لا يتزعزع، مع علمهم التام بأنهم ربما لا يجنون نصرًا دنيويًا، كانوا شبابًا لم تلههم الدنيا عن أداء الواجب، ولم تثنِهم التحديات عن الوقوف في وجه الظلم. أختاروا أن تكون حياتهم قصيرة لكن عظيمة المعنى، فخلّدهم التاريخ كقدوة للمؤمنين والثائرين من أجل العدالة.

أما الشاب في عصرنا الحاضر، فهو يقف في قلب عالم سريع التغير، مليء بالتحديات: الفقر، البطالة، الإدمان، الحروب الفكرية، والضياع القيمي في بعض المجتمعات. ولكنه أيضًا عالم غني بالفرص: التكنولوجيا، التعليم، حرية التعبير، والانفتاح على العالم.

فبين الماضي والحاضر الروح نفسها حيث يُخطئ من يظن أن الشباب الحسيني كانوا في بيئة مثالية خالية من الصراعات، بل كانوا في أجواء قمع وظلم واستبداد، لكنهم قرروا أن لا يكونوا جزءًا من هذا الانحراف. والشباب اليوم، وإن اختلفت التحديات، إلا أن الفرصة متاحة ليكونوا صوتًا للحق، وصورة للتغيير الإيجابي في مجتمعاتهم ، أذ يحتاج الشاب المعاصر إلى أن يستلهم من الشباب الحسيني عدة دروس:
. الوعي بالقضية: أن يكون للشاب موقف ورؤية، لا أن يكون تابعًا لمنصات التواصل أو ضحية للتضليل الإعلامي.
. الشجاعة في الموقف: أن يقف مع الحق، حتى لو كان وحده، كما وقف القاسم وعلي الأكبر في وجه جيش يزيد.
. الإخلاص: أن يعمل الشاب بنية صافية لنصرة مجتمعه ودينه ووطنه، لا لمصالح آنية.
. العمل الجماعي: لم يكن شباب كربلاء أفرادًا مشتتين، بل كانوا كتلة متماسكة، فكانوا أقوى رغم قِلّتهم.

في هذا الواقع،  يبرز النموذج الحسيني كمنارة تحمل في قلبك وعقلك رسالة الإمام الحسين(ع) في الإصلاح، ورفض الذل، والوقوف إلى جانب الحق، والدفاع عن المظلومين والتي تتمنهج بالكثير من المحاور لشباب اليوم :
• في التعليم: أن تطلب العلم وتتفوق من أجل خدمة مجتمعك، لا لمجرد الحصول على شهادة.
• في العمل: أن تكون نزيهًا، مخلصًا، ترفض الغش والفساد.
• في القيم: أن تصون مبادئك، وتحترم الآخر، وتدافع عن العدالة.
• في التكنولوجيا: أن تستخدمها لنشر الخير، والمعرفة، بدل الانغماس في التافه.

في النهاية، ليس المطلوب من الشاب أن يُستشهد كما فعل أولئك الأبطال، بل أن يعيش بنفس الروح، ويجعل من حياته منبرًا للحق، والوعي، والعطاء لاحياء مستقبل يلبي جميع الطموحات الخالدة التي سطرها التأريخ.

Comments (0)
Add Comment