الكاتب/ قاسم العجرش
وصلت أسعار التفط الى أقل من 30 دولاراً للبرميل الواحد، ثم عادت لترتفع قليلاً، وتشهد أسواق وبورصات مال العالم إنهيارات متعاقبة، لا يعرف الى اين سكون مآلاتها، ولكن من المؤكد أن الدول المنتجة للنفط، سواء كانت تلك المكونة لمنظمة أوبك، أو الدول المتحالفة مع أوبك كروسيا، أو الدول المنافسة كالولايات المتحدة الأمريكية، تخسر يومياً قرابة مليار دولار.. فما الذي حصل؟!
الحقيقة التي يعرفها جميع المشتغلين بحقل الإقتصاد السياسي، أن إنهيار الأسعار أمر طبيعي جداً، في ظل تفشي وباء الكورونا، وما صاحب تفشيه من تهويل إعلامي، وما ترتب على ذلك، من شلل في الحياة والإنتاج والنقل عبر العالم، لكن من المؤكد أيضاً أن هذا سبب ظرفي، لن يدوم طويلاً، بيد أن آثار الخسائر المترتبة عنه، ستكون أطول تأثيراً.
السبب الثاني؛ هو الموقف الروسي في المباحثات الأخيرة مع اوبك بشأن الإنتاج، فقد طلبت أوبك تقليص الإنتاج بغية المحافظة على الأسعار، أو على الأقل جعل إنخفاضها في حدود مقبولة معقولة، لكن روسيا إستثمرت إنخفاض الطلب وبالتالي إنخفاض ألأسعار، لتحقيق أهداف إستراتيجية بعيدة المدى، فلعبتها صح، وضربت ضربة المعلم، التي لن يشفى منها الإقتصاد الأمريكي في أمد منظور، وسيتراجع بعدها التأثير الإقتصادي الأمريكي، منكفئا الى الداخل لاعقاً جراحه، حيث رفضت روسيا تقليص الإنتاج، وقرارها هذا سياسي؛ مهم جداً ورائع بكل المقاييس!
الأمريكان الذين ينتجون نفوطا عالية التكلفة، سواء النفط المنتج من الآبار، أو النفط الصخري، لا يمكنهم الإستمرار بالإنتاج، وإزاء ذلك ستتوقف عجلة الإنتاج الصناعي برمته، وهي بدأت فعلا بالتباطؤ، وهي حالة نادرة أن يشهد العالم إنخفاضا بالعرض والطلب على السلع والخدمات، ما يعني إنكماش إقتصادي عالمين سيجبر الأمريكان على أن يلملموا “جوالاتهم” ويعودون الى ديارهم بلا غطرسة أو هيمنة أو إستعلاء !
عراقيا ولأن العراق يمتلك واحدا من أهم إحتياطيات النفط في العالن، بل ربما هو أهمها على الإطلاق، وعلى الرغم من أن الإقتصاد العراقي لا يتحمل إهتزازات كبرى، لكن من مصلحة العراق الان، أن يعرض نفطه بأسعار أقل قليلا من أسعار السوق، لكسب الزبائن من جهة ومن جهة أخرى المشاركة في توجيه صدمة؛ لإقتصاديات شاربي بول البعير التي تتحالف مع أمريكا..
صحيح أن العراق لا يحتمل طويلا هكذا أسعار، لكن الصحيح ايضا هو أن أمريكا والسعودية، هما المتضرران الأكبر؛ وصبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة..!
أمريكا توقف إنتاجها تماما للنفط؛ على اعتبار يكلفها خسائر لا يمكنها قبولها،لأن العقلية إدارة الإقتصاد الإستثمارية المعتمدة لديها، معنية فقط بحسابات الربح والخسارة، أما السعودية المتسبب الأكبر للمشاكل في العراق؛ وهي المنتج الأكبر داخل أوبك، فإن قرار بن سلمان الغبي بزيادة الإنتاج من 10 مليون الى 13 مليون برميل يوميا، سيعني إختناق خزانات التصدير عاجلا أم آجلا، وسيضطرون الى غلق آبارهم ولو بعد حين، هذا إذا لم يغلقها لعم الحوثيين ..
يقينا السعودية تخسر أكثر من العراق؛ لان إنتاجها ضعف الإنتاج العراقي، وبالتالي خسارة فرق السعر أيضا الضعف..كذلك هذا يسبب لها عجز حاد؛ عن الأيفاء بالتزاماتها تجاه حرب اليمن ودعم عملائها في العراق والمنطقة ..
كلام قبل السلام: معركة عض أصابع فاصل؛ة تدور رحاها الان..هبوط أسعار النفط لن يستمر طويلا؛ وكل ما استمر أكثر؛ سيؤدي إلى تحرير العالم؛ من سلطة أمريكا وحلفائها، وشكرا كورونا وقبلها وبعدها؛ شكرا لروسيا ,ايران، لأنهما قطب صلب عنيد، بمواجهة القطب ألأمريكي الذي ظن أنه القطب الأوحد..!
سلام ..