استقبل المرجع اليعقوبي وزيرة الدولة لشؤون المرأة ابتهال الزيدي لمناقشة بعض المشاكل التي تواجهها المرأة العراقية وكيفية معالجتها والاطلاع مباشرة على رأي المرجعية في القانونين الجعفريين قبل عرضهما في اجتماع الحكومة الاسبوع المقبل ونقلت الوزيرة الى المرجع جملة من هواجس ومخاوف المعترضين، التي أطلع اليعقوبي على جملة منها من خلال وسائل الاعلام وما نشر على المواقع الالكترونية .
واشار بيان لمكتب اليعقوبي تلقت ( عين العراق نيوز) نسخة منه ان المرجع اليعقوبي اكد على جملة من الامور معتبرا ” ان قانون الاحوال الشخصية ينظم الحياة الشخصية للإنسان كالزواج والطلاق والميراث والنفقة والمعاشرة والحضانة والقيمومة ، وما دامت اموراَ شخصية فمن حق الانسان ان يتعاطى معها بالطريقة التي يؤمن بها ويعتقد بصحتها ولا يمكن اكراهه على شيئا منها ، وليست هي من الأمور العامة التي يشترك بها جميع المواطنين حتى يسنّ لها قانون عام ملزم للجميع، وقد كفل الدستور هذا الحق الشخصي”.
واكد على ان الشيعة عُرِف عنهم ملتزمون بفتاوى مرجعياتهم الدينية التي تتواصل مع مستجدات الحياة من خلال الاجتهاد واستنباط الاحكام الشرعية للحوادث الواقعة من القرآن الكريم والسنة الشريفة، ولا يمكن الزامهم لحكم مخالف للشريعة لان المسألة لا تقبل المساومة والصفقات، اما الاخرون فلا توجد عندهم هذه المشكلة” .
واوضح اليعقوبي ” لقد سجلّت المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف متمثلة بالمرحوم السيد محسن الحكيم (رحمه الله) اعتراضها على قانون الأحوال الشخصية منذ صدوره عام 1959 وعقدت المهرجانات لرفضه وبعثت الوفود لإبلاغ الحكومة ذلك، وألّف فضلاء الحوزة كتبا ذكروا فيها موارد مخالفة القانون للشريعة ومنهم فضيلة السيد محمد بحر العلوم وهو شاهد حي، وكان الغاء القانون شرط السيد الحكيم لاستقبال الزعيم عبد الكريم قاسم ، فالمرجعية الشيعية واتباعها غير ملزمين بمواد القانون المخالفة للشريعة ، وكانوا ولا زالوا يعتبرون قرارات محكمة الاحوال الشخصية المستندة الى مواد مخالفة للشريعة في الميراث والتفريق بين الزوجين وغيرها باطلة وحبراَ على ورق ولا يرتبون عليها اي اثر وانما يستصدرونها لأجل تمشية بعض المعاملات الرسمية.
مضيفا ” وهذا معروف لدى الجميع- ويطبقون واقعا ما يفتي مراجعهم الا من بعض الجاهلين بأحكام الشريعة، ولمّا التفتوا بعد انتشار الصحوة الدينية بفضل الله تبارك وتعالى وجدوا انفسهم متورطين بامور عديدة ، فهذا قد حرمت عليه زوجته مؤبداَ وذاك قد أكل اموال الغير بغير حق وهذا الحق نسباَ بطريقة غير شرعية وهكذا ، واصبح من العسير حلّ هذه المشاكل.
اما الطوائف الاسلامية الاخرى والاديان غير الاسلامية فلم تعترض على القانون وعملت بموجبه بل اعتبرته ملزماً كما صرح به احد مرجعيات اهل السنة من بعض الاعلام المعاصرين في بيانه الاخير عندما سجّل اعتراضه على خطوة وزير العدل الاخيرة، فليس من حق احد غير الشيعة الجعفرية ان يطالب بقانون خاص به لأنه الزم نفسه بالقانون الموجود وهذا الاشكال الذي يسوقه البعض لا اصل له” منوها الى انه لا مانع لديه من تسمية القانون بالإسلامي او الشرعي لأننا نعتقد فعلا ان منهج اهل البيت (عليهم السلام) هو الاسلام الاصيل، ولكن يجب ان لا يتسبب هذا العنوان في سن مواد تخالف فقه اهل البيت (عليهم السلام)”
مؤكدا ” ان الطائفية التي يُخشى منها على تمزيق النسيج الاجتماعي ووحدة البلد سببها سياسات وأجندات تنفذها جهات معروفة ولا زالت تعمل عليها منذ عشرات السنين وكان ضحيتها الشيعة بأبشع الجرائم ، فتشريع هذين القانونين ليس سببا لإيجادها، بل بالعكس فان اعطاء هذه الطائفة حقها يشعرها بكرامتها ومواطنتها وحفظ استحقاقاتها ، وحولنا تجارب بلدان عديدة في المنطقة فيها اقلية شيعية وحفظت لهم هذه الحقوق بقوانين خاصة مما ساهم في دمجهم في النسيج الاجتماعي ولم تكن سببا للفرقة والتمزيق، فلماذا يُحرم الشيعة في العراق من هذا الحق وهم اغلبية ”
واشار المرجع اليعقوبي الى إن اعداد هذا القانون استغرق اكثر من عام ونصف العام بحسب ما ذكر معالي وزير العدل وقد أوصل مسودته الى جميع مراجع الدين والعلماء الاعلام في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة منذ عام تقريبا لإبداء ملاحظاتهم عليها ، فليس المشروع وليد هذه الساعة حتى يقال بانه دعاية انتخابية ونحو ذلك.
وبين ان ” مقترح تعديل القانون الحالي واصلاح الفقرات المخالفة فيه فهو كلام وجيه لأول وهلة ، ولكنه في الحقيقة لا يجدي لأنه تسويف في تحصيل هذا الحق لاستغراقه مدة طويلة في الاتفاق على تحديد موارد اختلاف القانون مع الشريعة (وان كانت هي مثبّته في كتبٍ مطبوعة كما اشرنا في النقطة الثالثة) ونحتاج مدة اخرى للاتفاق على تعديل كل فقرة من هذه وسوف لا نصل الى نتيجة لان الاعتراضات ستبقى كما هي، باعتبار ان الرافضين يصرّون على عدم تغيير المواد الحالية ، واذا كانوا جادّين في مقترحهم هذا فأن سن قانون شرعي في موازاة القانون المدني الحالي من دون الغائه هو أحفظ لمراد الجميع بدلاً من فرض مادة معينة بالتعديل وهم لا يرضون بها . ولهذا كله فان مقترح التعديل لا جدوى منه”.
ورد المرجع اليعقوبي على بعض من يثير إشكالية اختلاف مراجع الدين في بعض الفتاوى فكيف يتم التعاطي مع المتخاصمين اذا كانوا مختلفين في مرجعيتهم الدينية ونحو ذلك من الاشكاليات؟ ،والجواب ان هذه ليست من وظيفة المعترضين على القانون بل هي من شأن العلماء الذين يشرفون على وضع الصيغ النهائية للقوانين، وعندهم اكثر من آلية للمعالجة كالتصالح بين المتخاصمين او تفويض القاضي بالحكم وفق مادة محددة من موارد الاختلاف تكون ملزمة للطرفين لان حكم الحاكم الشرعي نافذ على الخصمين وان لم يرجعا اليه بالتقليد، وغير ذلك من المعالجات التي يعرفها أهلها ، فلا يحمل المعترضون على هذين القانونين هذا الهم”.
حفظَ الله تعالى سماحة المرجع الديني الشيخ مُحمد اليعقوبي (دامت بركاته) للأُمّة الإسلاميّة.