إن مايحصل اليوم من تفتت إجتماعي وتشرذم طائفي وتفكك مذهبي في أغلب الدول العربية هو بسبب النزعة الطائفية التي أجتاحت المنطقة خلال السنوات الأخيرة ، وهذه النزعة تبلورة وتكونت (بخبث) عبر دوامات من الصراع السياسي الذي مر على الدول والشعوب الإسلامية عبر القرون ، كما أن غياب النقد والتصحيح للتاريخ وللمورثات وللثقافات والإعتقادات الماضية قد أسهم بشكل سلبي في هذا الصراع …وعندما نبحث عن أزمة النقد العربي الحديث ، أو مشاريع النقد العربي الحديث نجد أن هناك أقتراب حذر من هذا النقد بسبب سوء الظن المسبق بالتاريخ العربي والإسلامي ، أو بسبب (القدسية الزائفة) التي أختلقت لهذا التاريخ حتى حولته إلى عقيدة يمنع مناقشتها أو تحليلها أو توجيه النقد إليها ..!! ولذا نجد أغلب أصحاب المشاريع التغيريرية الكبرى من المثقفين والباحثين والأدباء – وحتى رجال الدين – هم لم يتصالحوا مع هذا التاريخ بسبب أنطلاقتهم من عقدة سوء الظن بالمقابل ، لأن لهم مشكلة خطيرة مع طائفية الطرح التاريخي والصراع المذهبي الذي أبتليت به الأمة منذ القرن الأول الهجري الإسلامي ..ومازاد القضية تعقيداً هو خروج التعددية الفكرية والمعرفية من التعدد الفكري الذي هو بمثابة الحاضنة الطبيعية للتطور إلى منطق اللانهاية لهذا الأختلاف ، فلو أخذنا منطق الصراع الطائفي الذي يجتاح بلداننا العربية والإسلامية اليوم نجده بلا إطار أوميزان إسلامي ، لأن المعروف أن هدف الدين هو الإنسان وحفظ دمه وماله وعرضه ، ولكننا نجد اليوم الإنسان العربي المسلم يتم تكفيره ورميه بالكفر والزندقة والخروج عن الدين والملة والمذهب ثم يحلل دمه وعرضه وماله ويقتل ويقطع رأسه لمجرد الخلاف مع الغير بسبب موروث عقائدي خاطيء !! وإذا كان منطق التوحيد ومنطق النبوة هو مدار الإسلام وعليه ترسوا قاعدة التسليم فعلام القتل والصراع والحروب بسبب الخلاف المذهبي الفرعي الذي ليس هو لب الدين وجوهره !!! وهكذا فأن مشاريع النقد العربي الجديدة أقتربت بحذر من التغيير والتصحيح والتنقيح بسبب سوء الظن ، وأكثر سوء الظن هذا جاء نتيجة الخلاف السياسي الذي شجر بين الأوائل والذي تحول أو (حوّل )بعد ذلك إلى خلاف وأختلاف عقائدي وفكري نتج عنه هذا الصراع الوحشي الدامي الذي تدفع الأجيال الحاضرة ثمناً باهضاً له ..وماهذا العنف والتكفير والأحتراب الطائفي والمذهبي الذي يعصف بعالمنا العربي والإسلامي بلاهوادة ماهو إلاّ نتاج طبيعي لسوء الظن المسبق بالتاريخ العربي الإسلامي وعدم التقييم وفق معايير العلم والمنطق والعقل …!!