عطش الحسين (ع) وعطش الجنوب… ماضٍِ يتكرر بصورٍ جديدة.

 

الكاتبة / زينب شهيد الاسدي

في صحراء كربلاء، قبل أكثر من 1400 عام، وقف الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته الأطهار وأصحابه ، صابرين على العطش القاتل لثلاثة أيام ، تحت لهيب الشمس، بعدما مُنعوا من شرب الماء، في جريمة لا يزال التأريخ يرويها بمرارة ، كرمز للظلم والاستبداد، وكرامة الإنسان في وجه الطغيان، في مشهد أصبح رمزاً خالداً للحرمان والصبر والثبات على المبدأ.

واليوم، وعلى ذات نهر الفرات وفي أرض جنوب العراق، وخاصة في محافظات مثل ذي قار والبصرة وميسان، يُعاني أهلنا عطشاً من نوعٍ آخر ، شح في المياه الصالحة للشرب، وتلوّث الأنهار، والإهمال المستمر في مشاريع الإرواء والصرف الصحي، حتى بات الماء النظيف حلمًا يوميًا يراود الآلاف من العوائل .

 

شتّان بين الزمانين، لكن الوجع واحد.

 

عطش الحسين (عليه السلام) كان سلاحًا استخدمه الأعداء للنيل من إرادة الحق، وعطش الجنوب اليوم هو نتيجة إهمال إداري وتراكمات مضت وسوء تخطيط ، يهدد الحياة والصحة وكرامة الإنسان، في منطقة تُعرف تاريخيًا بأنها مهد الحضارة وملتقى النهرين حيث يعيش آلاف المواطنين معاناة لا تقل قسوة عن تلك التي واجهها أهل الطف.

كربلاء علمتنا أن الماء حقّ، والحرمان منه ظلمٌ فادح ، والفرق الوحيد أن عطش الحسين (عليه السلام) صار رمزًا للثورة، أما عطش الجنوب فبقي جراحًا تنتظر من يضمّدها لا من يرويها فقط.

لذا يتوجب على الحكومة التنفيذية المركزية والمحلية ان تعيد قراءة عطش الحسين (عليه السلام) لا كحالة مأساوية فقط بل رسالة حيّة ، تدعونا للوقوف بوجه الظلم أيّاً كان شكله ، وأن تكون هناك عدالة في توزيع الحصص المائية والمطالبة بالحصص الرسمية ضمن الاتفاقات الدولية من دول المنبع حتى يرتوي الجنوب بالماء ، ولايستشهد الحسين (عليه السلام) مرّة أخرى عطشانًا.

 

‏عضو مجلس محافظة ذي قار
‏‎ المهندسة زينب شهيد الأسدي
رئيس لجنة الزراعة والموارد المائية وأنعاش الاهوار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار