أقدم بناء مدرج في العالم “زقورة أور” جنوب العراق

إبّان العصر البرونزي، في القرن 21 قبل الميلاد، بُنيت زقورة أور، التابعة لمحافظة ذي قار العراقية، وهي واحدة من أقدم معابد بلاد الرافدين. طالها الخراب، حتى رممها الملك نابونيدس في وقت الحضارة البابلية في القرن السادس قبل الميلاد، وقد نقب عنها منذ آلاف السنين وما زلت تحظى باهتمام السياح والمنقبين العالميين.

في تصريح صحفي، يقول مدير متحف الناصرية الحضاري عامر عبد الرزاق إنّ “الزقورة تعتبر واحدة من أقدم أفكار البناء المدرج في العالم، موضحاً أنها “تتألف من ثلاث طبقات؛ فالرقم ثلاثة في العراق القديم من الأرقام المقدسة؛ إذ إن الجسد الإنساني فيه من كل شيء واحد أو اثنان، لكن لا يوجد ثلاثة؛ فنُظر إلى أن هذا الرقم على أنه يرمز إلى ما وراء الطبيعة، بشكل ما.

شيّدت الزقورة على قاعدة مربعة طول ضلعها 42 متراً. ترتفع الطبقات المتعاقبة ومتساوية الارتفاعات بمقدار 6.1 أمتار لكل طبقة، وهي صلدة ومبنية جميعها من اللبن، وقد كسيت من الخارج بطبقة سميكة من الآجر الأحمر المفخور المثبت، وبطريقة هندسية لافتة جداً، تُسمى بـ”طريقة السبط”.

يميل البناء إلى الداخل كلما ارتفع إلى الأعلى؛ ما يقترح على الناظر خدعة بصرية، ليبدو البناء أعلى من ارتفاعه الحقيقي. تتخلل الزقورة الطلعات والدخلات، وهذه ميزة معمارية عراقية، كما أن فيها فتحات شاقولية تزيّن كل مبنى الزقورة، وهذه الفتحات يسميها السومريون بالعيون الدامعة؛ لأنها تعمل عمل الأنابيب التي تصرّف مياه الأمطار، وما زال تعمل حتى يومنا هذا.

يبين عبد الرزاق أن “ارتفاع الزقورة الحالي ستة عشر متراً ونصف المتر، لكن ارتفاعها القديم، عند بنائها الأول، كان ستة وعشرين متراً ونصف المتر. لم يتبقّ من الزقورة الآن سوى الطبقة الأولى، وأجزاء من الثانية، أما الثالثة فغير موجودة، إلى جانب المعبد العلوي أيضاً، الذي انهار، وذلك بسبب عوامل التعرية.

في هذا السياق نُشر إلى أن “للزقورة معبداً علوياً لم يكن بإمكان أي شخص الدخول إليه، إذ كانت تجرى فيه طقوس مهمة، مثل تتويج الملك، والاحتفال ببعض الأعياد ورأس السنة والزواج المقدس.

يوضح عامر عبد الرزاق أن “السياح يأتون باستمرار لزيارة الزقورة، وقبل أيام قليلة أتت بعثة تنقيبية للتنقيب في مدينة أور، وتنشط السياحة الداخلية أيضاً، إذ يأتي سيّاح من داخل محافظة ذي قار، ومن خارجها، طبعاً إلى جانب الزوار الأجانب، وبعض الشركات الاستثمارية.

يشير إلى أنه “قبل مدة وصل وفد متعدد الجنسيات الى مدينة أور، المسيحيون يأتون دائماً لإقامة قداديس واحتفالات دينية في هذه مدينة، لأنها موطن النبي إبراهيم الخليل “عليه السلام”.

أضيفت مدينة أور، ومن ضمنها الزقورة، إلى لائحة التراث العالمي عام 2016. كما أن ثمة إشرافاً من قبل منظمة اليونسكو عليها، وتجرى أعمال لتطوير المدينة وتأهيلها، كما أجريت عمليات صيانة لأحد معابدها من قبل بعثة إيطالية.

يشار أخيراً إلى أنّ “العراق يضم 28 زقورة، تتوزّع على محافظات عدّة، وكلها تشترك في السّمات المعمارية الأساسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار