مكافحة داعش عنوان للنفاق السياسي

ليس في ما نقوله في هذا المقال، شيء جديد، بل هو تأكيد على كل ما ذكرناه في السابق وعلى نفس هذه المساحة بأن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لن يهمه لا من قريب ولا من بعيد القضاء على داعش وعلى الإرهاب، وان جميع مؤتمراتهم الأمنية ليس أكثر من ذر الرماد في العيون وتحسين تقنية النفاق السياسي.

بين مؤتمري بغداد لمكافحة فكر داعش في الإعلام الذي عقد في بغداد ومؤتمر ميونخ الأمني المنعقد في ألمانيا، يتصدر عنوان الحرب الإرهاب وبالأخص القضاء على داعش جدول إعمال المٌؤْتَمَرينّ.

وفي كلا المؤتمرين لم يتحدث احد لا على الظلم الطائفي الذي تمارسه سلطة الإسلام السياسي الشيعي في بغداد الذي خلق داعش، ومن الممكن ودون إي عناء يذكر تلمسه في مخيمات النازحين الذي مضى عليهم ما يقارب أربع سنوات وخرائب المدن التي طردت منها داعش عسكريا، ولا في إدانة الحكومات الغربية التي جندت عن طريق مخابراتها ووسطائها وفسحت المجال لمنابر المساجد والجوامع في بلدانها لتعبئة وتجنيد المئات من الشباب وإرسالهم الى معسكرات داعش والقاعدة لقتال النظام السوري.

المؤتمران لم يخرجا إلا بخفي حنين، ولم يعالجا أبدا منبع الإرهاب، لأنه بعلاجهما الجذري للإرهاب ينتفي وجود منظميها في المنطقة، وتتهاوى معهم جميع الخطط والأجندات السياسية لتحقيق مصالحهم السياسية والاقتصادية.

ان الحكومات الغربية استفادت من تعويم داعش وتسويقه سياسيا وامنيا، ونجحت بشكل منقطع النظير في إشاعة أجواء الرعب والخوف بين مواطنيها، واستطاعت ان تفرض التراجع على الحركة المعادية لسياساتهم الحربية والعسكرتارية في العالم التي توجت بغزو أفغانستان ومن ثم العراق. تلك الحركة التي أطاحت بمشروع قرار أمريكي-بريطاني في مجلس الأمن لاحتلال العراق تحت عنوان امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية وبالدعم البريطاني غير المشروط من قيادة تحالف خارج مجلس الأمن لغزو العراق، أنها نفس الحركة التي اجتاحت شوارع برشلونة ومدريد ومدن اسبانية أخرى التي فصمت عرى التحالف ودفعت الحكومة الاسبانية لسحب قواتها من العراق، لتتبعها بعد ذلك انسحاب القوات الايطالية.

أن الغرب وعن طريق داعش سيطر على تلك الحركة، وحركة ٩٩٪ التي تعني أن ١٪ تملك ثروات العالم والأغلبية المطلقة تعيش في الفقر والعوز، وحركة احتلوا وول ستريت وهو بورصة عمالقة الشركات الرأسمالية العالمية، وحولت الشغل الشاغل للجماهير المتمدنة في الدول الغربية، النأي بالنفس والدفاع عن أمنهم وبقائهم على قيد الحياة.

أن داعش نفخ الروح بكل التيارات العنصرية من الفاشية والنازية والمعادية للأجانب.

أن الهجمة التي تشنها تلك الدول على المهاجرين وتقويض حق اللجوء هي واحد من نتائج هجمات داعش الإرهابية على المدنيين في الدول الأوربية والأمريكية، ولو لا مباركة ودعم الغرب له بشكل مباشر وغير مباشر لما وصل داعش الى ما وصل إليه ولما أنعمت بالتالي الحكومات الغربية بالأمان والسلام من انقضاض تلك الحركات التحررية عليها.

إما في العراق، فنقول ان داعش لم يأت من المريخ ولم يقفز من السماء، انه هو صناعة وطنية خالصة بامتياز. فداعش هو نفس التيار القومي العروبي الذي اطيح بسلطته في العراق بفعل الغزو والاحتلال الامريكي، وتضرب جذور داعش الى زمن هزيمة العراق في الكويت عندما فشلت صواريخ العباس والحسين على اسرائيل بنصرة البعث العروبي بقيادة صدام حسين، الذي سوق نفسه بطلا وناطقا رسميا باسم فقراء الامة العربية. ان جذور داعش تمتد الى ما بعد فشل تلك الصواريخ العروبية حيث رسم “الله اكبر” على العلم العراقي، وكتابة القرآن بدم صدام حسين، واطلاق لقب المجاهد على نفسه عبر حملته الايمانية في عام ١٩٩٦. وداعش سيبقى الشوكة المستعصية في حلق سلطة الاسلام السياسي الشيعي واداة في مساومتها من قبل امريكا والاقطاعيات الخليجية طالما تمارس الظلم الطائفي وتعامل ابناء المناطق الغربية كمواطنين من الدرجة الثانية. الم يطلق ابراهيم الجعفري ومن على منبر الامم المتحدة في اجتماعها السنوي عندما شغل منصب وزير الخارجية في العام الفائت تسمية محافظة الارهاب على الانبار ليكمله نوري المالكي في مناسبة اخرى بأن اهالي الموصل دواعش. ان تسويق بعض الشخصيات سياسيا تحت عنوان “السنة العرب” ومنحهم المناصب والمراكز الحكومية كرئاسة البرلمان وعدد من الوزرات لن يلغي الظلم الطائفي ولن يجفف المستنقع الطائفي ويقضي على البعوض الطائفي الذي ينقل الملاريا المميتة. ان اولئك الذين يعتاشون على الظلم الطائفي ليس من مصلحتهم انهاء الظلم الطائفي في العراق بل ونقول لو لا ذلك الظلم لما وصل اولئك الى تلك المراكز.

وليس عند هذا الحد، بل ما عرض قبل اكثر من اسبوع وسوق اعلاميا من مسرحية سمجة ولا طعم لها ولا رائحة حول اعادة احداث التاريخ من زاوية طائفية حول قتل عمر لفاطمة. وتلك المسرحية رسالة طائفية واضحة دون ان تجد اي رد فعل من تدخل السلطات والحكومات المحلية والمركزية لمنعها، او على الاقل تحريض اقلامها المأجورة في شن حملة اعلامية ضد المسرحية بسبب نشرها الكراهية الطائفية، وتدل على عمق المستنقع الطائفي التي تحاول سلطة الاسلام السياسي الشيعي اغراق العراق فيه.

واخيرا نقول ان المؤتمرات الامنية ليس الا تجمع لعمالقة المنافقين السياسيين في العالم لتحسين تقنية اكاذيبهم وتملقهم لبعضهم وتبادل الخبرات التجسسية والتعذيب وادوات القتل فيما بينهم. ان القضاء على داعش يأتي عبر انهاء الظلم الطائفي عن طريق تشكيل حكومة علمانية وغير قومية، واعادة النازحين الى مناطقهم عن طريق تحسين ظروف معيشتهم وتوفير الخدمات في مناطقهم وتوفير فرص العمل لأبنائهم وتقديم التعويضات المناسبة لهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار