بوصلة المظاهرات من يوجهها ؟ وضد من ؟!

 

في البدء لا بد من تثبيت نقطة مهمه وهي من المسلمات التي لابد من ذكرها وهذه النقطة تتلخص في حق الشعب في التظاهر السلمي للمطالبة بحقوقهِ كافة ، وهو حق كفله الدستور العراقي وكافة الشرائع والمواثيق الدولية الأخرى.
فما من عاقل يدعوا الى تغييب هذا الحق الذي تكفله الدستور ، وخصوصاً في ظل التلكؤ الواضح والتقصير الفاضح في تقديم الخدمات الأساسية للمواطن ،مع غياب تام للتحلي بروح المواطنة والحفاظ على المال العام من قبل الغالبية العظمى لأفراد المجتمع وتفشي ظاهرة الفساد من القاعدة حتى الهرم ، وهذا التشرذم المجتمعي نتج بسبب أندثار صارخ للولاء للوطن وظهور ولاءت قومية وطائفية وحزبية وقبلية اخلت بالنسيج الوطني ومزقته بأوامر خارجية مسيطرة على الزعامات القومية والطائفية والحزبية والقبلية وتُحركها كقطع الشطرنج متى شائت وبأي أتجاه تريد.

غالباً ما تكون المظاهرات في الدول المتقدمة ضد هدف معين ومطالب محدده، كأن يكون تغير نظام الحكم أو التعبير عن مظلومية طرف على حساب الأخر ،وتكون الطلبات عقلائية قابلة للتنفيذ مسؤولة عنها قيادة معرفة للجميع لأ مكان للعشوائية فيها.

السؤال المنطقي الذي يتبادر إلى ذهن اي منصف إلى ماذا تفظي هذه المظاهرات بشكلها الحالي ،وماهي النتائج التي يمكن الحصول عليها في ظل هكذا أعمال تخريبية ؛ تنم عن قلة وعي ،وأستهتار بالمال العام ،وتوحي بوجود أيادي خبيثة تستغل السخط الموجود من قبل الناس لتحقيق مآرب مشبوهة على حساب حاجيات الناس ومتطلباتهم ؟
وهل في تخريب مصالح الدولة من منافذ حدودية أو مطارات أو شركات نفط او غيرها ثمة فائدة للمتظاهر !!!
أم أن الأمر سيعود سلباً عليه وهو المتظرر الأول من هكذا أفعال تخريبية ؟؟
الكل يعلم أن الفاسد لاتقلقه هكذا أفعال ويمكنه تغيير جلده بالكيفية التي تمكنه من امتصاص حقوق الناس بسبب اذرعه الأخطبوطية وماله الحرام والجهات الداعمة له .
لا أستبعد أمكانية الفاسد الشيطانية باستخدام المتظاهر( دون علم طبعاً) لتحقيق مكاسب للفاسد نفسه ويكون المتظرر حينها هو المتظاهر المسكين؟

وعليه لابد لنا من التفكير باسواء الاحتمالات وان لا تكون العفوية والطيبة زائدة عن حدها لدينا فالمتربصين بنا دهاة مكره يستوحون افكارهم الشيطانية من عمر بن العاص ومعاوية ؟؟

من يضمن ان لا تكون حركة المظاهرات غطاء قذر تقوده جهات فاسدة مستغلة آهات البسطاء ومعاناتهم ، لأتلاف جميع الادلة والشواهد على عمليات فساد كبرى حدثت في هذه الشركات النفطية والمعابر الحدودية والمطارات وبقية المنشآت الحيوية الأخرى التي حرقت وسرقت محتوياتها وبعثرت أغراضها ؟؟
وما الضامن ان لا تكون مظاهراتنا رسائل تحذير في ساحة الصراع الدولي ونحن فيها كالدمى يسيطر على خيوط تحريكنا من ما وراء الحدود ويكون لهيب ساحتنا هو احد الاوراق التي تستخدم للضغط على جهات دولية متنفذة للحيلولة من تنفيذ مخططاتها ،ونحن نستخدم كبيادق الشطرنج ولا نعلم بذلك فنقوم بتخريب ممتلكاتنا بأيدينا ليغنم غيرنا ،جاعلٌ منا خط صد أولي لحماية مصالحة، وهو لا يبالي ولوا أكلتنا النيران عن بكرة أبينا !!

الجميع يؤيد المظاهرات والجميع يريد ركوب موجتها ، وهذا واضح وهناك من قام بركوب الموجه فعلياً وقام بأعمال تخريبية مكنته من تصفية حسابات حزبية والتغطية على عمليات فساد كبرى تحت غطاء السخط الشعبي وسلمية التظاهر!!

واضح ما ادلت به المرجعية الشريفة على لسان معتمدها في خطبة الجمعة من على منبرها في الصحن الحسيني الشريف من تأييد للتظاهر لكن علينا أن لا نجتزء كلام المرجعية وناخذ التأييد فقط ولا نركز على دعوتها للسلمية والحفاظ على الممتلكات العامة وعدم المساس بها .

أبعاد الأحزاب عن هذه المظاهرات مع أضفاء روح السلمية وعزل جميع السراق والمخربين والمدسوسين وتقديمهم للعدالة وتحديد المطالب وتشجيع قوة القانون وعدم المساس بكافة المؤسسات هو من ينجح مظاهراتنا ويُولد صورة ناصعة البياض عن مدنيتنا وحضارتنا وماضينا ..

على كل من يشعر بالغبن ويريد التظاهر ان يتظاهر بعد الحصول على الموافقات الرسمية ويتظاهر ضد هدف واضح ومحدد وبسلمية تامة ولا يجعل من نفسه أداة تخريب بيد أجهزة المخابرات المتنفذة أو بقايا حزب البعث المنحل ليحققون به مكاسب تعود عليهم بالنفع وتعود عليه وعلى مجتمعه بالضرر .

في خاتمة المقال نستطيع أن نجيب على السؤال القائل بوصلة المظاهرات من يحددها وضد من !
والجواب نستخلصه من واقع المظاهرات ومتغيرات أحداثها، والواقع يقول ان المظاهرات حركات احتجاجية عفوية يقوم بها المنهكين والجياع للمطالبة بأبسط حقوقهم من خدمات وكهرباء وماء صالح للشرب لكن سرعان ما تسرق هذه الجهود عن طريق مدسوسين من قبل الحركات والأحزاب الفاسدة لتغيير مسار التظاهرات لتصب في مصلحة جهة معينة وتسخرها ضد خصمها السياسي في خضم صراع النفوذ الدائر بين الأحزاب للأستيلاء على القاعدة الجماهيرية.
والسؤال الذي يطرح نفسه اخيراً هو :
كيف لمتظاهر ثائر على الظلم ان يطالب بحقوقة ويده ملوثة بأحراق وتخريب وسرقة ممتلكات الغير ؟؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار