أجواء ملتهبة وحلول غائبة

 

يشهد العراق ظروفا مناخية ملتهبة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة الى أرقام قياسية كانت هي الأعلى عالميا، ومع ذلك يمارس العراقيون حياتهم الاعتيادية، التي تعودوا عليها في أجواء الصيف اللاهب، رغم قلة الخدمات والتدهور الكبير في تجهيز الطاقة الكهربائية.

رافق ذلك ارتفاع في حرارة التنافس السياسي، والصراع بين القوى الحاكمة من أجل الظفر بالسلطة واكتساب مغانمها والتمتع بامتيازاتها، دون التفكير في وضع حلول اقتصادية واجتماعية وسياسية لما يمر به الشارع العراقي، وما يعانيه من تدهور على مستوى الخدمات وتفشي البطالة، والعجز الواضح في حل أزمة الكهرباء، التي صرفت عليها المليارات دون أن تشهد تحسنا يذكر.

كان العذر موجودا في السنوات السابقة، كون الجميع متوجه لمحاربة داعش، وجهد الدولة منصب على محاربة الإرهاب، مما سبب انخفاض موازنة الحكومة الاتحادية المخصصة للخدمات والمشاريع، رافق ذلك دعم جماهيري كبير بالتطوع في صفوف المقاتلين أو تسيير مواكب الدعم اللوجستي، مما ولد سكوتا مؤقتا عما تعانيه المحافظات الجنوبية والوسطى في العراق.

هذا الصيف يختلف في شدة حرارته، رافقها معاناة المواطنين من النقص الحاد في الخدمات، وازدياد ساعات القطع في تجهيز الكهرباء، وشحة المياه التي سببت جفاف الأنهار وتوقف الزراعة في معظم محافظات الوسط والجنوب، وانتهاء الحرب مع داعش، وصعود أسعار النفط الذي لم ير له المواطن تأثيرا على حياته المعاشية، إضافة الى الاحتكاك السياسي بسبب الانتخابات البرلمانية وتداعيات نتائجها.

أجواء وظروف قاهرة؛ جعلت المواطن العراقي يخرج الى الشوارع صارخا، مطالبا بحقوقه التي عجزت الدولة بموازانتها الانفجارية ذات الارقام  القياسية، أن توفر له أبسط مستلزمات العيش الكريم، وهو يشاهد أموال الشعب المنهوبة تذهب في جيوب الفاسدين، تتمتع بها الراقصات في دول الغرب، دون أن تكون هناك بارقة أمل في تغيير الأوضاع نحو الأحسن.

شرارة المظاهرات انطلقت من البصرة، وتداعياتها سوف تصل الى جميع المحافظات، وسط غياب شبه تام لسلطة الدولة، وفقدانها لإيجاد حلول لطلبات المتظاهرين، فالفساد والفشل يسيطر على مرافق الدولة، التي لا تهتم إلا من أجل الحصول على المكاسب والمغانم، ولا تكترث لما يمر به شعب عانى الحروب والبطالة ونقصان الخدمات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار