
أن الفرد في بلاد الرافدين بلاد العلم والأدب بلد الحضارات
للأسف بات لم يجد حلاً سوى الانتحار اعتراضا على الظلم الذي يتعرض له يضن بموته سوف يكون حلا لباقي الشباب الذين يضعا في فكرهم الانتحار من سوء المعيشة في العراق فانتحار الشباب في العراق لم يكن اعتباطا لكن رسالة إلى الدولة حول بلوغ السيل الزبى ، فقد تحولت حالة اليأس والإحباط التي أصبح يعيشها الشباب العراقي المهمش نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة وخصوصا مع انتشار البطالة وارتفاع درجات الفقر إلى أرقام غير مسبوقة.
خصوصا في محافظة ذي قار
ظن الكثيرون أن الانتحار هو الحل للتخلص من هذا العذاب الي يعيشاه وكذلك هي رسالة للحكومة و أن الرسالة قد وصلت إلى الدولة وأنها استوعبت الدرس، وتمنى العديدون أن تضع الحكومة حل لهذه الظاهرة المتفشية في البلاد بصورة عامة والناصرية بصورة خاصة فقد انتحر فقط في هذا العام عام 1017 ابتداءا من شهر الواحد الى شهر السابع 88 مواطن ناهيك عن الذين انتحروا ولم تنجح عملية الانتحار ولله الحمد في مدينة الناصرية فقط.
أجل الذي قد انتحر والذي يقف ضد هذه الظاهرة يريدا إيجاد حل لبقية الشباب وحتى يكون هذا المنتحر هو الأخير في أرقام المنتحرين،
ظاهرة الانتحار التي تطورت بدرجة مهولة لتبلغ أرقاما لا تصدق حول عدد المنتحرين وعدد محاولات الانتحار، فلا يمر يوم في العراق إلا وتنشرت الصحف والإذاعات بانتحار شاب أو محاولة آخر، والأسباب دائما ما تدور حول نفس الفلك، فإما من ضاق ذرعا بالبطالة أو من أوصله الفقر إلى اليأس من الحياة أو من تعرض إلى الظلم وأراد الانتقام بإيذاء نفسه.
تختلف التفسيرات بين علم النفس وعلم الاجتماع حول أسباب لجوء الشباب في العراق إلى الانتحار كأبسط الحلول للهروب من الواقع، فالأول يرجح أن أغلب حالات الانتحار تكون نتيجة مرض نفسي لا نتيجة ظروف مؤقتة أو وضع اجتماعي وذلك من مسلمات علم النفس، فيما يرى علم الاجتماع أن الانتحار ظاهرة اجتماعية تفسر بما هو اجتماعي بناء على ما يعانيه الشباب العراقي من فقر وبطالة وتهميش ومستقبل ضبابي،
ورغم اختلاف التفسيرات فإن النتيجة واحدة وهي ارتفاع حالات الانتحار في العراق أمام عجز الدولة عن إيجاد الحلول وإيقاف هذا النزيف الذي صار يهدد كيان المجتمع العراقي خصوصا أن هذه الظاهرة لم تستثن أي فئة ولا أي جهة رغم انتشارها في بعض الجهات ولدى بعض الفئات بصورة أكثر حدة .
ارتفاع ظاهرة انتحار الأطفال في وجهة نظري المحدودة اتهم بها بعض وسائل الإعلام ببث هذه الأخبار مع صور ومقاطع فيديو المنتحرين دون مراعاة أعمار المشاهدين، ما يجعلهم تحت ضغوط إجراء التجربة بعد رؤية صور أقرانهم المنتحرين على شاشات التلفاز وبرامج التواصل الاجتماعي خصوصا لو كانوا يتعرضون إلى نفس الظروف الاجتماعية أو العائلية أو الدراسية.
حتى بالنظر إلى التوزع الجغرافي لهذه الظاهرة والمناطق التي تشهد فيها ارتفاعا فذلك يبرز الارتباط الوثيق بين السبب والنتيجة، فبالرجوع إلى أرقام المنتحرين في العراق يتبين أن أكثر المحافظات العراقية التي ترتفع فيها معدلات الانتحار هي محافظة ذي قار التي ظلت لعقود طويلة تعاني من التهميش وغياب التنمية رغم أهميتها التاريخية والحضارية في العراق،
ذي قار تستأثر لوحدها بنسبة جدا مرتفعة
من حالات الانتحار في العراق بـ 88 حالة انتحار في هذا العام ونحن في أوساط العام ، وهو ما يكشف ما يعانيه مواطنو مدينة الناصرية من معاناة جعلت الانتحار حلاً من الحلول التي يلتجئ إليها أغلب شباب هذا الجيل نتيجة غياب التأطير والحوار والحلول، وما إلا ذلك
تبدو الدولة عاجزة عن إيقاف نزيف المنتحرين في العراق ، فرغم مرور أكثر من 4 حكومات متتالية بعد سقوط الحكومة الصدامية لم يتم تناول هذا الموضوع بطريقة ترتقي إلى درجة خطورته، فحتى السياسيون سبق وإن تحدثوا حول هذه الأرقام وحول حلولهم المقترحة لهذه الظاهرة التي أصبحت مستعصية، وأما الدولة فكثيرا ما تلكأت في مواجهة القضية بعيدا عن الحلول الفردية التي لا تجدي نفعا.
من الأكيد أن ظاهرة الانتحار هي ظاهرة عالمية تعاني منها العديد من الدول بدرجات متفاوتة إلا أن انتشارها في العراق بصفة مريبة خصوصا بعد احتلال أمريكا للعراق يجعلنا نطلق صيحة فزع حول مستقبل الشباب العراقي في ظل غياب شبه تام من الدولة التي يبدو أنها استقالت من مهامها في مواجهة هذه الظاهرة المستفحلة، ولنا أن نتساءل ختاما كيف ترتفع حالات الانتحار في العراق ويصبح أبناء هذا الشعب مسارعين إلى الموت قبل الحياة
وهو الشعب الذي قد قيل عنه
أن العراقي يمشي على جراحه ولا يبين للآخرين انه جريح