
الهيئة الادارية الجديدة لاتحاد الادباء والكتاب في ذي قار تبدأ باكورة اعمالها باستضافة الروائي خضير الزيدي
أقام اتحاد الأدباء والكتاب في ذي قار الخميس الماضي أمسيته الأولى في ظل هيئته الإدارية الجديدة التي انتخبت مؤخراً للدورة السابعة 2016-2019. وكانت باكورة أعماله أمسية للاحتفاء بالمنجز الأدبي للروائي خضير الزيدي .
و استضاف اتحاد ادباء ذي قار الكاتب الروائي خضير فليح الزيدي بحضور جريدة الناصرية الالكترونية ” للاستماع الى تجربته في كتابة الرواية بالاضافة الى تقديم بعض الاوراق النقدية من قبل بعض المشاركين كقراءة ودراسة في روايات خضير الزيدي. وقام الكاتبُ والناقدُ المسرحي احمد ثامر جهاد بتقديم خضير الزيدي للجمهور للحديث عن اخر الاعمال الروائية الي كتبها بعد ان قدم عرضا موجزا لاعماله الادبية .
وعبر الزيدي عن سعادته الكبيرة بالحضور في مدينة الناصرية التي غادرها في عام 2010 ليستقر في العاصمة بغداد. واستهل الزيدي كلامه قائلا ” انتقلت الى بغداد منتصف 2010 وفي ذلك الحين وجدت ابناء مدينة بغداد وهم يرفعون اللثام رويدا رويدا عن وجوههم بعد كارثة الاحتراب الطائفي.”
وعن تجربته في تناول الامكنة والشخوص كمادة دسمة لموضوعاته قال “ان طبيعتي منذ الصغر ان اقرأ الوجوه والامكنه معاً، واحيانا تستهويني الامكنة التي لم تطاها اقدام الادب وهذه طبيعتي، دون سيطرة واعية من الكاتب، ويؤسفني ان اقول ان الناصرية، التي هي جذري ورافدي الاول في الثقافة ،لا تتيح المجال طويلا لهذا المنحى لعدم وجود الاماكن التي تشير الى بداية تشكل المدينة الاول، فلا اسوار ولا بقايا اخرى،سوى الاثار السومرية، فلا يوجد بقايا التشكل للتاريخ المعاصر ولكن في بغداد وجدتها على العكس، فمثلا هناك امكنه في الحيدرخانه والبتاوين وجدتها كما هي وكمثال على ذلك جامع العاقولية عام 728 هـ ولا زال قائما، وبنايات كثيرة لليهود وهذه الاماكن كانت الدافع الكبير لي لتأمل الشخوص ، اين كانو يجلسون وكيف كانوا ياكلون وهذا هو الدافع الكبير للكتابة”.
وعن ميل الكاتب للكتابة حول المدينة دون الريف قال ان” الكاتب هو ابن المدينة وليس بالانتماء لها، وانما اينما توجد مدينة يجب ان يكون هناك ادب، بمعنى ان الكاتب يكتب عن الريف وتشكلاته وتمظهراته ولكن المدينة هي لب الصراع وعندما يوجد صراع بين الطبقات او الشخوص مع التعدد المستوى الثقافي، فصراع الاثنيات او التئام الاثنيات يكون دافعا الكبير لمادة الكاتب ولذلك دائما الكاتب ينتمي للمدينة ”
من اين تاتي الحكاية في الراوية
الزيدي ابحر في الحضور على سفينه الكتابة وشرح تجربته في كيفية استقاءه لمادة الرواية قائلا “ان اهم الحكايات التي تحكى على لسان الحكّاء هي تلك التي اما فيها نسق من الغرابة او نوع من التهكم وهذان النسقان هما اللذان يكونان لب الحكاية او مادة الكاتب في كيفية سرد حكاياته ”
اما عن نمط الكتابة فقال الزيدي” نحن الان نعيش في سلطة القاريء وليست سلطة الكاتب ، سلطة القاريء هي الاولى ، وهذه القضية تشكل أرق لطيف كبير من الكتّاب ، وهم يعانون من عدم التسويق الجيد للكتاب لانهم الكتّاب يكتبون في واحدة من ثلاث مجالات وخصوصا الكُتّاب السرديون، اما ان يكون الكتاب مخصص الى الناقد ، فالرواية هنا كبيرة ولكن ليس لها قاريء ولا سوق ؛ وقسم يكتب للمثقف ولذلك نجد كثرة المصطلحات الثقافية في الرواية؛ وقسم اخر يكتب للعامة ويهمل كثير من اللعبة السردية الحذقة الذكية”
مادة الحكائية في رواية ” أطلس عزران البغدادي”
ويتطرق الزيدي الى مادة الحكائية في رواية ” اطلس عزران البغدادي قائلا” تتحدث الرواية باختصار شديد عن مقتل اخر يهودي في بغداد ، والمفارقة انه بعدما انتهيت من الرواية وجدت مشكلة ان هذا ليس اخر يهودي في بغداد، وهذا سر من اسرار بحثي الميداني جاء من خلال بحثي في الامكنه والشخوص والوثائق، وان هناك شخص يهودي اخر لغاية اليوم يرفض الخروج من بغداد ويعدها مدينته الاولى والاخيرة وهو حي يرزق الى اليوم.”
ويضيف ” هذا الشخص يتخفى بهوية اسلامية اخرى في العام 2005 ، يغير هويته واسمة وشكله ويلتحي ويتعرض الى الاتهام من الامريكان بوصفه شخص من الجماعات الاسلامية فيتعرض الى السجن وفي معتقل بوكا ، ويتعرض الى تثقيف في سجن بوكا من قبل الجماعات الاسلامية ،وهو يخفي هويته اليهودية ولكنه بقي في بغداد وعندما يفرج عنه عام 2008 لعدم كفاية الادلة ، يلتقي مع شخصيات اخرى احدهم من الديانية البهائية وهو ايضا متخفي في مقهى ، الى ان يتم قتله من قبل جماعات متطرفة في وقت لاحق”.
والرواية تبدا من مقتل هذا اليهودي وقيام منظمة انسانية بالبحث عنه وكذلك تتناول الرواية قصة حب بين شابين ينتميان لطائفتين مختلفتين والرواية عموما تتناول تمزق النسيج الاجتماعي في بغداد والعوامل المؤثرة للبحث في مكنونات هذه القضية”
هل استطاعت الرواية العراقية ان تدخل الى نفس الشخصيات المنحرفة وتعالج الانحراف؟
الزيدي ابدى عدم رضاه عن الطريقة التي يتم فيها معالجة المشاكل في المجتمع العراقي باستخدام الرواية مؤكدا ” لحد الان الرواية العراقية لم تدخل الى نفسية الشخصية ولم تحاول ان تعرف مالذي يدفع الشخص الى ارتكاب الجريمة ومن ثم نعالحها فلم نجد، وانا واحد من الروائيين ، ان الروائي استطاع ان يتعامل بذكاء ويدخل في سايكلوجية الشخص العنيف ويتخلص من الشعاراتية العالية بشيء من الذكاء والاسلحة الثقافية العالية ، نعم الروايات تهاجم الارهابي والبعثي ولكن لم تدخل الى سايكولوجية الشخصية ووضع الحلول لها ، طبعا الشخصية العراقية ومنهم المثقف العراقي وتحديدا الروائي ايضا ماخوذ بالشعاراتية الحماسية العالية التي تودي به الى مهالك. على الروائي ان يعرف بماذا يتحدث الارهابي مثلا وما هي الايات التي يؤمن بها وكيف يتم غسل دماغه ليفجر نفسه بشي من الذكاء ”
الدكتور ضياء العبودي يقدم ورقته النقدية ” بعنوان تمثلات المدينة في روايات الزيدي “
للمكان اهمية كبيرة وهو الوعاء الذي تجري فيه الاحداث وتتحرك فيه الشخصيات والمكان يوثر كثيرا في الشخصية كونه يكون اتجاهات الشخصية ومن هذه الامكنة هي المدينة والادباء لهم نضرة مختلة حول المدينة فمنهم من اعتبرها عدوا له ومنهم من اعابرها فضاءا رحبا يمكن ان يحققوا ذواتهم فيها ومن هذه المدن هي المدينة التي تحدث عنها الزيدي في رواية ( ذيل النجمة) وربما لم يذكر اسم المدينة لانه ارادها ان تكون مصداقا لتنطبق على عدة مدن في العراق او ان يترك فسحة للقارئ بان يحلق في خياله.
تحدث عن قضية الصراع بين الريف والمدينة والزيدي ابن مدينة بامتياز لذلك كان متعصبا للمدينة في هذا النص وبين الماسات التي تعرضت لها المدينة من خلال النزوح الريف الياها وتجسد هذا من خلال شخصية جسار وكيف ان اهل الريف ينظرون الى المدينة بانها غنيمة لهم او كما عبر عنها الزيدي الصغير داخل الرواية على انها تفاحة شهية ، وحاول الزيدي ان يعكس هذا الخراب من خلال فندق الليل ولذلك ذكر كل الطوائف الذين سكنوا هذا الفندق وجعل منه مدينة مصغرة داخل النص ولذك عندما ازيل الفندق تدمرت المدينة ووصل الخراب في المدينة حتى الى الماء ، وينقل لنا الكثير من الحوارات التي تعكس وجه نظره حول المدينة .
اما في رواية فندق كرستيان فان الفندق كان مقرا فقط لبطل الرواي الذي هو شخصية ناصر ، وتناولت الرواية قضية العنف الذي اجتاح البلد في سنوات قبل السبعة وبعد السبعة ، وتحديدا في سنوات قتال الاخوة في 2006 و2007 والزيدي طرح وصف تاملي دقيق ابدع فيه الزيدي ايما ابداع حتى انه وصف بغداد بانها ثورٌ في حلبة مصارعة يتلقى الضربات حتى يجثو على ركبتيه ، ليبين حجم الماساة التي وصلت العاصمة بغداد .والزيدي طرح علاجات في هذا المجال وهي جانب الحب وجانب الثقافة ، والحب بمفهومه الواسع من حب العمل وحب الاخرين وحب الانسان الاخر .