أمبراطورية الفوضى

بعد كمين الكويت والتي اثبتت الوقائع انه اعد بتخطيط وتدبير عالي الحنكة للنيل من شعب وجيش العراق الذي خرج بعد المواجهة مع ايران جيشا ً مرعبا ً للصهاينة على وجه الخصوص ، وقد أستغلت احلام وشطحات الخيال لدى قيادة العراق انذاك للوقوع فيه بسهولة فائقة  . غير انه ما لحقه من حصار وتدمير غير مبرر كان بحق وصمة عار في جبين منفذيه وان كثروا وان كان لهم نفوذهم الواسع على المستوى الدولي ، إذ انه يصنف على انه مواجهة جبانة غير ادمية على الأطلاق كونها استهدفت فئات الشعب كافة .
يعتبر الحصار بحق  في طليعة اسلحة التدمير الشامل ،أذ انه ينال الشعب بكامله ، بكل طبقاته ،بجميع فئاته  ،انه ينال الجنين و الطفل والمرأة والشيخ والعاجز والمريض و…. ولايمكن لقلم  أن يوضح المأساة  التي واجهها شعب العراق من جراء هذا السلاح الرهيب ،وقيل  أسال مجرب ولا تسأل حكيم …فلقد جرب شعب العراق مرارة وهمجية سلاح حصار همجي غير آدمي ، يصنف كأقسى حصار  في تاريخ البشرية ، أستمر لثلاثة  عشر عام متواصلة ،ولاتزال تبعاته حتى وقتنا الحالي وستبقى لسنين لاحقة . لهذا فنحن أكثر شعب سيحس بآلام الشعوب التي قد تتعرض للحصار، أي شعب ومن أي لون كان  ، و في أي مكان من المعمورة .
وفي حقيقة الأمر أن أغلب ما شاهدنا  ونشاهد اليوم ، من انواع الحصار يعد لها وينفذها المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة ويشترك فيها بعض العرب الذي يوصفون بانهم مسلمون ! ، وهي تعني أن هذا المعسكر ينشد تحقيق اهدافه في احتواء الأخرين وإخضاعهم  بغض النظر عن الطريقة التي يستخدمها في ذلك ،فهم يعلنون مثلا” حرمة أمتلاك واستخدام أسلحة التدمير الشامل ،ولكنهم لايحرمون ذلك على انفسهم .
ان ما يسود اليوم هو شريعة الغاب السائدة في الساحة الدولية اليوم ،حيث تهيأ المواقف والافكار وتعقد الاجتماعات تحت خيمة الامم المتحدة بقيادة ما يعرف بالعالم المتمدن أو المتحضر لكي يعدوا العدة ويهيؤا الاسباب لحصار جديد على شعب جديد ! ، ولمصالح آنية  ضيقة ،متناسين ان العالم اليوم أصبح قرية صغيرة بما وفر عليهم اللة من نعم ،وأن كل بلد يحتاج البلد الأخر بصورة مباشرة أو غير مباشرة  .
وعلى لسان رئيس لجنة المساعدات الأنسانية في العراق يقول :
( ان الحصار على العراق  كان يقتل ستة الآف شخص كل شهر ) .
ومع ذلك لم يحرك  أحد  من العالم او من العرب   ساكن  ويقف في صف شعب العراق الذي كان يموت ببطئ وعندما عادت امريكا بقيادة بوش الأبن  وصقورها الصهاينة الى ضرب العراق عام 2003 كانوا يدركون تمام الأدراك انهم ينقضون على فريسة منهكة ولم يكن هناك أي تكافؤ بكل مقاييس الحرب بين دولة عظمى تدعي تسيدها العالم وبين دولة تعيش في حصار كامل لثلاثة عشر سنة .
معايير السيادة الحقيقية :
لقد تمكن هتلر وبفترة قياسية من احتلال مساحات شاسعة من العالم ولكنه يوصف على اية حال بأنه ذلك النازي الذي الذي أزهق ارواح ملايين البشر دون ان يقدم شئ واضح  للبشرية ، واليوم إذا جلسنا نقيم حروب وغزوات الأمبراطورية التي تتسيد العالم حاليا ً فأننا نجد ان لها شبه كبير وقد تتفوق بما سيحصى من عدد الضحايا في حروبها المباشرة وغير المباشرة ،وجل حروبها توصم بأنها حروب جبانة ، فحربها في العام 2003 على العراق ،كانت ضد فريسة تكاد لاتقوى على الحراك حيث انها قد واجهت حصار كامل لثلاتة عشر سنة ، فيما كانت الأمبراطورية الحالية تملك كل انواع الأسلحة الحديثة والتسهيلات من الآخرين وفي النهاية انسحبت من البلاد بعد حل جيش العراق وتفكيك الدولة مما يسر افتراسه من قبل الأرهاب واستمرار سيل الدماء دون ان تقول الأمبراطورية التي سببت ذلك شيئا ً وكذلك الحال في افغانستان وفي جميع الدول التي مرت بها الجنة الأمريكية الموعودة ،ولايعرف على وجه الدقة الزمن الذي تستمر به هذه الفوضى المقصودة ولا طريقة انهيار الأمبراطورية الحالية والذي سيحصل ان عاجلا ً ام آجلا ً .
taherbakaa@yahoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار