
مانديلا..ثورة السلام والعدل والحرية
الرجل الذي تذكرنا سيرته بكل الثوار والمناضلين الذين قدموا حياتهم ثمنا ًللحرية والمبادئ فلم ترهبهم السجون ولم يخيفهم الموت فتمكنوا ان يخطوا قصيدة أرضية تنادي بحياة ملؤها السلام والعدل والحرية على كوكبنا المنطلق بسرعة عجيبة عبر المجهول والذيكما يسمح للخيرين فأنه يسمح ايضا ً لزراع الحروب والأرهاب والظلم بأن يخطوا اثارهم على سطحه ،ومن العجائب ان ما يفعله الأنسان يبقى ماثلا ً يحكي الفعل للأجيال القادمة ، ولكن الأنسان مستمر بزرع الخير والشر ،فكلاهما يجدان انصارهما على مدى العصور والأزمان فيعملان في توالي مستمر ، يدمر ويخرب ويظلم ويقتل وكل ذلك يسجل له بأسمه ذلكم هو الشر ، فيأتي الخير ليعيد بصبر وحكمة عجيبة البناء ويضع ضوابط لكي تسود مبادئ الخير ثانية وهكذا .
مانديلا وجد ان ابناء بلاده ورغم نهب ثرواتهم فأنهم يعاملون بعنصرية وهم يعيشون على ارضهم ويفضل الأجنبي عليهم الذي يستغل ثرواتهم وجهودهم للأثراء على حسابهم فقرهم وسوء الأحوال التي كانوا يعيشونها ،فرفض كل ذلك ونادى برفض العنصرية وطالب بتحرير البلاد من الأوضاع الفاسدة التي تعيشها ، فكان ان تعرض الى اقسى انواع العقوبات مثل السجن الطويل (27 ) عاما ً ولكنه لم ييأس وواصل النضال والتف شعبه حوله بعد ان وثق به ،وخرج من السجن بعد ان اشتدت المطالبات الدولية لأخراجه وذلك في عام 1990 فكان ان تمكن من هد اركان العنصرية البغيضة والسير بالبلاد الى طريق الحرية والأستقلال ،شغل منصب رئيس البلاد كأول رئيس اسود من عام( 1994 ولغاية 1999) ناضل خلالها النضال الآخر وهو الأرتقاء بأحوال شعبه الى الأفضل وتحسين ظروفه التي تراكمت مرارتها من جراء الأستعمار البغيض ، ورفض الترشح لولاية ثانية مفضلا ً العمل الخيري لمكافحة الفقر وانشأ مؤسسة نيلسون مانديلا ، وتمكن من ابراز الحقيقة بمايتعلق بشخصه من انه رجل سلام بعد ان كان عدوه يوصمه بالأرهاب ،واصبح شعبه يلقبه ب (ابو الأمة )يقول مانديلا :
حاربت ضد سيطرة البيض، وحاربت ضد سيطرة السود، لقد كنت أسعى من أجل مجتمع حر ديمقراطي يعيش فيه الجميع بسلام وتكون الفرص فيه متساوية. هذا هو المثال الذي أتمنى أن أعيش من أجله وأن أحققه.”
وإذا اقتضت الحاجة، فأنا مستعد للموت في سبيله .
وقد اجتمعت كل المتناقضات في الأعتراف بشخصيته ففي وقت يستقبل استقبالا ً حافل في امريكا من الرئيس الأمريكي بوش الأب وكذلك الشعب الأمريكي اثناء تنقله في العديد من الولايات الأمريكية فأنه يزور الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، الذي كان يعتبره قدوة في النضال ، وقد نال جائزة نوبل بالعام 1993 وهي من بين مئات الجوائز التي كرم بها شخصه ،حيث جمع تكريم المعسكرين الغربي والشرقي وقد اظهر اهتمام العالم بكل طوائفه ،عند رحيله ، مدى الأثر الذي تركه ثائر مثل مانديلا على ارضنا .