
مرضى سفرات العلاج في إيران، ضحية إخفاق المتعهدين وإهمال ضاعف من أمراضهم
كشف عدد من المصابين بإمراض مستعصية، ممن أرسلتهم محافظة البصرة للعلاج في إيران، عن وقوعهم ضحية شركات متعهدة وهمية استغلت معاناتهم الإنسانية لإغراض ربحية، وتركتهم في الغربة دون متابعة قرابة شهر ونصف، فيما ناشدوا الحكومة المحلية والجهات الرقابية بإسعافهم والتدخل الفوري، لتوقف علاجهم وتفاقم أمراضهم، وذلك لعدم تسلم المستشفيات أجورها من الشركات المتعهدة.
وفيما أقرت محافظة البصرة بوجود إخفاق رافق تلك السفرات العلاجية، اثر خلاف مالي مع الجهة المتعهدة، كشفت عن اتخاذها إجراءاً عاجلاً لعلاج المرضى في إيران وعودتهم للمحافظة.
ويقول سالم عبد الحسين الخفاجي، الذي رافق وزوجته ابنه مقتدى البالغ من العمر سبعة أعوام، والمصاب بمرض السرطان عبر اتصال هاتفي براديو المربد أن “عائلته استبشرت خيراً حين شمل مقتدى بسفرة العلاج على نفقة ديوان محافظة البصرة”.
وأضاف أن “الوجبة الأولى من المرضى وصلت إيران في مطلع شهر تشرين الأول 2013، ووزعتهم الشركة المتعهدة على ثلاثة فنادق بمدينة أهواز الجنوبية، وتلقى جميع المرضى وجبة علاجهم الأولى في مستشفى كلستان الواقع في ذات المدينة”.
واستدرك الخفاجي ان “المستشفيات بعدها رفضت علاجنا، وطالبتنا اما بدفع الأجور أو تحتفظ بجوازات المرضى كضمان لاحق بالتسديد وهو أمر يفترض ان تتكفل به الشركة المتعهدة وحكومة البصرة”.
وتابع ان “معاناة ابني تفاقمت وظهرت فيه ورمة سرطانية أخرى، والشركة المتعهدة تركتنا منذ العلاج الأول وترفض الرد على اتصالاتنا، وسط مضايقات ومطالبات أصحاب الفنادق والمستشفى بمستحقاتهم”.
وعدّ الخفاجي ابنه “ضحية تلك الشركات الوهمية التي استثمرت معاناتهم الإنسانية لأغراض ربحية بحته، فضلا عن عدم مصداقيتها في الاتفاق مع مستشفيات أهلية دون الطموح وليست حكومية، وهو أمر مغاير لما أعلنه ديوان المحافظة”، بحسب قوله.
أما يونس حميد صالح، الذي يبلغ من العمر 61 عاماً، والمصاب بمرض السرطان، فيكشف عن جوانب أخرى من معاناة سفرات العلاج في إيران، تمثلت بغياب متابعة حكومة البصرة والشركة المتعهدة لشؤون المرضى، وعدم تخصيص مترجم للغة الفارسية يذلل مهمة العلاج ويخفف عنهم وحشة الغربة، فضلاً عن عدم توفير وسائل نقل المرضى من والى المستشفى.
ويقول صالح عبر اتصال هاتفي للمربد، أن “المستشفى وعدني بـ28 جرعة علاج للسرطان، لكن لم أتلقى سوى جرعة واحدة منذ وصولي إلى الأهواز، ولابد من تواصلها بمعدل جرعة في اقل من اسبوع لامتثل للشفاء”.
وأضاف “باقي المرضى كحالي سئمنا المعاناة وتردي حالنا الصحي وبالأخص الأطفال من المرضى، ونقضي معظم أوقاتنا بالنوم، والكل يفكر بالعودة للبصرة والموت فيها بدلاً من الإهمال في الغربة بغياب العلاج وتفاقم المرض”.
ويلفت صالح قائلاً “حصلت على جواز سفري بطريقة ما، وتوجهت للبصرة، لكن منفذ الشلامجة الحدودي رفض عودتي والسماح بعبوري، رغم اني موظف حكومي ومتلزم بدوام رسمي، وانقضت فترة إجازتي المسموحة”.
مرضى آخرون ناشدوا عبر اتصالهم براديو المربد الجهات الحكومية والرقابية باتخاذ موقف حازم لإسعافهم وانتشالهم من معاناتهم في الغربة، ومتابعة تلك الشركات التي اعتبروها وهمية وتناستهم بلا اهتمام وعلاج، فيما طالبوا بإرجاعهم للبصرة وفك أسرهم من إدارات الفنادق، التي حجزت جوازاتهم، بحسب وصفهم.
من جهتة، اقر عضو لجنة الصحة المشرفة على إرسال الحالات المرضية المستعصية في ديوان محافظة البصرة، الدكتور حسن خلاطي، بوجود إخفاق رافق علاج المرضى في إيران، وذلك لعدم الاتفاق على تكاليف العلاج من قبل الجهة المتعهدة بالعلاج، والتي عرفتها حكومة خوزستان للبصرة اثر مذكرة تفاهم سابقة جرت بين الجانبين، مؤكدا عبر تصريحه لراديو المربد ان “المحافظ أمر باتخاذ إجراء عاجل لمعالجة المرضى المرسلين وعودتهم بأسرع وقت ممكن للبصرة، والتوصل لصيغة اتفاق نهائية مع الجانب الإيراني وحسم الخلاف المالي، لمنع تكرار تلك الحالات مجدداً، أو الاكتفاء بإرسال المرضى إلى الهند حصراً”.
وكانت محافظة البصرة قد شكلت في منتصف شهر آب الماضي، ثلاث لجان طبية متخصصة لإرسال المرضى المصابين بالأمراض المزمنة وأمراض السرطان للعلاج خارج العراق وعلى نفقة الحكومة المحلية ضمن مبلغ العشرة مليار دينار والذي خصص خلال الدورة السابقة، فيما أرسلت الدفعة الاولى من مرضى مصابين بأمراض السرطان والكلى والعيون الى إيران حسب الضوابط التي وضعتها وزارة الصحة ضمن مذكرة التفاهم التي وقعت بين الحكومة المحلية ودولتي ايران والهند.
وتشير الإحصائيات أن محافظة البصرة تعد من أكثر المناطق تضررا بالمواد المشعة بنسب كبيرة سببتها المعدات المدرعة والمدمرة للجيش العراقي عام 1991 والتي دمرت بقذائف اليورانيوم وكذلك عام 2003 في حرب الخليج الثالثة، فيما سجلت معدلات الإصابة بالسرطان بالبصرة زيادة ملحوظة في الأعوام الأخيرة، حيث ان نسبة الإصابة تبلغ 70 إصابة لكل 100 ألف نسمة.