ملتقى سومريون الثقافي في الناصرية يحتفي بأدب الفتيان

صحيفة الناصرية الالكترونية:

أقام ملتقى سومريون الثقافي بالتعاون مع إتحاد الأدباء والكتاب في ذي قار والتي أستضاف فيها الروائي أحمد حسّان الهلالي بمناسبة صدور روايته الموجهة للفتيان ( جزيرة الأنانونكي ) عن منشورات الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
وقال الاكاديمي ياسر البراك احد اعضاء الملتقى أن الأمسية ادارها الأديب علاء كولي الذي قدَّم الهلالي بوصفه أحد المشتغلين القلائل في أدب الطفل حيث يكتب الشعر المخصص للأطفال وكذلك القصة القصيرة والنص المسرحي ورواية الفتيان ، فضلاً عن تقديمه للعروض المسرحية الخاصة بالطفل تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً ، ناهيك عن إقامته العديد من الورش التدريبية للأطفال لتعليمهم التمثيل على خشبة المسرح .
واوضح البراك أن الهلالي إفتتح حديثه في الأمسية عن المؤثرات العائلية والبيئية الأولى التي شكَّلت وعيه الأول حيث قاده نقش سومري تحتفظ به جدَّته إلى كتابة أولى رواياته الموجهة للفتيان وهي ( البجعة السوداء : عشتار ) ثم رواية ( أوركا : قرية الأفراح ) وبعدها الرواية المُحتفى بها التي قال عنها أنها تُمازج بين الخيال والرموز السومرية القديمة ، إذ أنه يركز في كتابته على التراث السومري ويقوم بتقديمه بشكل مبسَّط للأطفال لأن في ذلك تأكيد على الهوية بحسب ما يقول .
وقال الهلالي أنه يستخدم التراث السومري – أحياناً – بوصفه قناعاً تاريخياً وأسطورياً من أجل الكتابة عن الحاضر عبر المرور بموشور الماضي . لذلك نجده في هذه الرواية يركز على الصراع بين السلطة الدينية ممثلة بكهنة المعبد وعامة الناس بوصفهم المتضررين من تلك السلطة مُفيداً من أسطورة الكائن الخرافي الذي يعيش في مستنقعات الأهوار ( عبد الشط ) التي يضمنها في السياق السردي للرواية تحت عنوان ( سيد المياه ) . لكن الهلالي يستدرك عادَّاً الإسقاطات في الرواية على الحاضر سلاحاً ذو حدّين فهي من جهة ضرورية لأنها توصل الماضي بالحاضر ، لكنها من جهة أخرى يمكنها أن تؤثر على البناء القيمي للطفل عبر زجّه في أشكال من الصراع التي قد لا تتناسب مع سيكولوجيته .
وقد شهدت الأمسية بحسب البراك، تقديم ثلاث أوراق نقدية حول الرواية إبتدأها الناقد والقاص والروائي أياد خضير بورقته المعنونة ( رواية جزيرة الأنانونكي : التوهج الدلالي والجذب الايحائي للروائي أحمد حسان الهلالي ) التي تحدَّث فيها عن أبرز السمات التي اعتمدها الهلالي في روايته مؤشراً على بيئة الأهوار بوصفها منطلقاً للأحداث والشخصيات ، كما أنه وجد في الرواية تعددية في الأصوات وتركيزاً على فعل الغناء الأمر الذي يجعل من الرواية ممسرحة تتعدد فيها مستويات الشخصية ، حيث يتناص مع الأساطير الشعبية لدى سكان الأهوار عبر إستحضار أسطورة عبد الشط ( سيد المياه ) متخذاً من الرمزية أسلوباً في صياغة أحداثه التي تماسك فيها السرد – بحسب ما يرى خضير – عبر إستخدام لغة رمزية مليئة بالإيحاءات السومرية لتأكيد بيئة الأهوار وإتخاذ الجزيرة رمزاً للعزلة والخلود ، فضلاً عن رمزية الكهنة والثيران والجاموس .
وكانت الورقة الثانية للناقد والمترجم عبد الكريم عيسى وجاءت تحت عنوان ( تمثلات أسطرة الواقع في رواية الأنانونكي للكاتب أحمد حسّان ) التي وجد فيها أن الهلالي يستخدم أسطورة الأنانونكي لخلق عالم جديد يُعيد فيه فحص قضايا الهوية والسلطة والتراث منتقداً السلطة بطريقة ضمنية ومباشرة عبر إستخدامه للرموز السومرية ليُضيء جذور هوية بلاد وادي الرافدين وهذا التوظيف يرى فيه عيسى مزاوجة بين الفضاء الأسطوري والفضاء التاريخي ليُصبحا فضاءً واحداً هو فضاء الرواية نفسها.
أما الورقة الثالثة فكانت للناقد محمد حاجم وجاءت تحت عنوان ( الأناسة الثقافية ومعطيات الوعي الكامن في رواية جزيرة الأنانونكي ) منطلقاً في قراءته من مفهوم ( الوعي الكامن ) عند لوسيان غولدمان عادَّاً الإستعادة الأنثروبولوجية للحكاية الشعبية ( عبد الشط = سيد المياه ) التي قام بها الهلالي في روايته محاولة منه لإعادتنا لنشأة الحياة الأولى على هذه الأرض التي سرعان ما تصيبها نزعة الشر ، لذلك فالرواية – بحسب حاجم – تركز على الأسئلة المتعلقة بالوجود عبر إستخدام أسلوب الحوار الممسرح معتمداً على المسميات التي تمتلك حضوراً تاريخياً سواءً كان واقعياً أم أسطورياً.
وبعد الإنتهاء من الأوراق النقدية تم فتح باب المداخلات للحضور التي بدأها الدكتور مسلم عباس الطعان مثنياً على الملتقى لإختياره هذه الأمسية النوعية ومتسائلاً إن كانت ثمَّة شواهد في الأدب السومري القديم عن وجود أدب للطفل ، فيما وجد الروائي حامد المسفر أن إستخدام الآلهة في الرواية إسقاط شخصي وليس توظيفاً سردياً ، ومن الضروري عدم الخلط بين الأنانونكي الذين كانوا قبل الخلق وشخصيات الرواية بعد الخلق أمثال كلكامش ، وذهب الناقد علي شبيب ورد إلى أنه لا مانع من التناص مع التراث السومري لخلق أدب للطفل حتى في ظل عدم وجود نصوص موجهة للطفل في الأدب السومري القديم من أجل تنمية وعي الطفل العراقي بحضارته.
ورأى الناقد ياسر البراك أن الهلالي يستخدم تقنيات مسرحية في إسلوبه السردي سواء عبر الحوار أو الحكي أو الأغاني التي يتضمنها السياق السردي للرواية أو حتى جمعه لشخصيات مختلفة في القصة مثل الآلهة والبشر والحيوانات والكائنات الخرافية . وختم الشاعر كريم الأسدي المداخلات بالقول أن هناك تقصيراً في مدارسنا يتعلق بطريقة تقديم التراث الرافديني للتلاميذ والطلبة في المراحل الأولية للدراسة .
bbslid
Comments (0)
Add Comment