تفعيل المشاريع ودعم القطاع الخاص.. نجاح حكومي بخفض البطالة وتعزيز سوق العمل

صحيفة الناصرية الالكترونية:

شهدت الساحة الاقتصادية في العراق تطوراً ملحوظاً في مؤشرات سوق العمل، تمثل في انخفاض معدل البطالة إلى 13% وفق آخر الإحصاءات الرسمية وحسب ما أعلنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث يعد هذا الإنجاز ثمرة جهود حكومية متواصلة اعتمدت على خطط مدروسة ورؤية تنموية مستدامة لمعالجة واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الشباب والفئات المنتجة، فالبرنامج الحكومي اعتمد على تفعيل المشاريع التنموية المتوقفة، ودعم القطاع الخاص، وتوسيع برامج القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب إطلاق مبادرات تهدف إلى تمكين الطاقات الوطنية وتحفيز الاستثمار المحلي وتحريك عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل حقيقية تستجيب لحاجات السوق وتطلعات المواطنين.

 

وفي هذا الصدد، قال عضو لجنة العمل النيابية النائب حسين عرب في تصريح صحفي تابعته صحيفة الناصرية الالكترونية، إن “انخفاض نسبة البطالة في العراق جاء بسبب عدد من العوامل، أبرزها تنشيط القطاع الخاص من خلال إطلاق حزمة من التشريعات القانونية التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي أسهمت في تسهيل إجراءات الإقراض”، مشيراً إلى أن “الإجراءات تضمنت أيضاً فتح آفاق جديدة لقطاعات غير مفعّلة في السوق، مثل السياحة الدينية، وهو يمثل خطوة استراتيجية في خفض معدلات البطالة وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني”.

 

تنشيط السوق:
وأوضح عرب، أن “أولى الخطوات المهمة لتنشيط السوق العراقي تتمثل في تشريعات القروض المتوسطة والصغيرة، لما لها من دور في تحفيز الشباب على العمل وخلق فرص جديدة في القطاع الخاص”، مشدداً على “ضرورة تنظيم دخول العمالة الأجنبية لتوفير فرص عمل محلية وتنشيط الدورة الاقتصادية الداخلية”.

 

وأشار إلى، أن “سهولة الإقراض وفتح تخصصات جديدة للقروض تسهم بشكل مباشر في إنعاش السوق”، داعياً إلى “اعتماد آليات بسيطة وفعّالة في منح القروض وإعادة النظر في بعض التشريعات بما يتناسب مع حاجة السوق العراقي الحالية”.

 

ولفت عرب إلى، أن “القطاعات المهمة التي يمكن أن تكون عاملاً حيوياً في التنمية الاقتصادية تشمل السياحة الدينية والمهن الناشئة، والتي ما زالت غير مستغلة بالشكل الأمثل”، مبيناً أن “الاهتمام بها من شأنه فتح أبواب عمل جديدة وتقليل نسب البطالة تدريجياً”.

 

واوضح، أن “أحد أسباب خفض البطالة جاءت نتيجة تخصيص الحكومة تريليوناً ومئتي مليار دينار عراقي كسلة قروض ضمن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقد حققت نسب نجاح كبيرة وأسهمت في إطلاق مشاريع استثمارية حديثة”، مبيناً أن “المرحلة المقبلة تتطلب تفعيل هذه الجهود بشكل أكبر لاستيعاب طاقات الشباب وتحقيق تنمية مستدامة”.

 

تطبيق البرنامج الحكومي:
بدوره، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن نسبة البطالة في العراق انخفضت إلى 13%، جاء نتيجة تطبيق برنامج حكومي شامل يستند إلى رؤية تخطيطية عملية متعددة الأبعاد.

 

وقال صالح، إن “الحكومة ركزت على تحريك المشاريع التنموية المتوقفة، عبر تمويل واسع من الموازنة العامة الثلاثية، لاسيما في مشاريع البنية التحتية والخدمات، ما أسهم بخلق آلاف فرص العمل المؤقتة والدائمة في قطاعات حيوية”.

 

وبين، أن “تثبيت العقود في عدد من الوزارات، والتعيينات الواسعة في قطاعات التعليم والصحة، مثلت أحد أبرز أدوات التوظيف المنضبط داخل الدولة”، لافتاً إلى أن “هذه الخطوات ترافقت مع دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرة البنك المركزي والمصارف الحكومية، مما حفز الكثير من الشباب على الاتجاه نحو العمل الحر”.

 

وأوضح صالح، أن “الحكومة تبنت برامج نوعية لدعم الابتكار، مثل المسابقة الوطنية للمشاريع الريادية، والتي شجعت الشباب على تحويل أفكارهم إلى مشاريع إنتاجية تسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني”، مشيراً إلى أن “برنامج مواجهة البطالة شمل أيضاً إعادة تأهيل العاطلين عبر مراكز التدريب المهني وربطهم بسوق العمل، فضلاً عن تطوير الشراكات مع القطاع الخاص لتوسيع قاعدة التشغيل خارج الوظيفة الحكومية”.

 

وأكد، أن “انخفاض نسبة البطالة يعد مؤشراً إيجابياً يعكس نجاح السياسات التنموية المستدامة، ويعزز التوجه نحو تنويع الاقتصاد الوطني من خلال إصلاحات هيكلية تستهدف تحديث نظم التعليم والتدريب المهني بما يلائم احتياجات السوق”.

 

وتابع، أن “الرهان على المستقبل الاقتصادي يتطلب اقتصاداً منتجاً لا يعتمد فقط على التعيينات الحكومية، بل على توليد فرص عمل نوعية ومتجددة، ضمن رؤية تنموية شاملة ترسمها خطة التنمية الوطنية 2024-2028”.

 

 

نمو القطاع الخاص:

من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن معدلات البطالة في العراق شهدت انخفاضاً ملموساً.

 

وقال الهنداوي، إن “مؤشرات المسح الاقتصادي والاجتماعي لعام 2024 أظهرت تراجع معدل البطالة من 16.5% إلى 13% خلال العام الحالي 2025″، لافتاً إلى أن “القراءة النهائية لنسب البطالة ستظهر في نهاية العام الجاري”.
وأوضح الهنداوي، أن “النمو في القطاع الخاص يشهد تصاعداً واضحاً في النشاطات الاقتصادية، لاسيما بعد تأسيس المجلس الأعلى لتطوير القطاع الخاص برئاسة رئيس مجلس الوزراء”، مبيناً أن “هذه الخطوة تأتي ضمن السياسات الحكومية الداعمة لتوسيع دور القطاع الخاص، ما أسهم في رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وساهم أيضاً في توليد المزيد من فرص العمل”.

 

وأشار إلى، أن “القطاع الخاص سجل تطوراً ملحوظاً في عدد من القطاعات، أبرزها الصناعات الدوائية، وصناعة الأسمنت، والصناعات الغذائية، فضلاً عن مساهمته الكبيرة في تغطية الحاجة المحلية في قطاع الزراعة، خاصة زراعة الحنطة والقمح، وكذلك في صناعات مهمة مثل الزيت والسكر، التي تشهد مشاريع عملاقة تقودها شركات القطاع الخاص”.

 

وأضاف الهنداوي، أن “الخطة التنموية الخمسية منحت القطاع الخاص مساحة مهمة تصل إلى 35% من حجم الاستثمارات الكلية في مختلف القطاعات، وهو ما سينعكس إيجاباً على رفع معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة”.

 

ولفت إلى، أنه “على الرغم من عدم توفر أرقام دقيقة، إلا أن المؤشرات الميدانية تشير إلى أن القطاع الخاص أسهم في توفير أعداد كبيرة من فرص العمل، ما ساعد على خفض معدلات البطالة بشكل واضح”، منوها الى أن “البرامج الحكومية تركز حالياً على توفير فرص العمل في القطاع الخاص، بعد أن أصبح من الصعب على مؤسسات الدولة استيعاب المزيد من التوظيف في ظل قانون الموازنة الحالي”.

 

وأكد المتحدث باسم وزارة التخطيط، أن “الحكومة تعمل على توفير بيئة داعمة للقطاع الخاص من خلال إصدار السياسات والتشريعات اللازمة، وفي مقدمتها قانون الضمان الاجتماعي الذي يكفل حقوق العاملين في هذا القطاع، مما يعزز مكانة القطاع الخاص كشريك حقيقي في العملية التنموية للبلاد”.

 

برنامج اقتصادي متكامل:
من جهته. أكد الخبير الاقتصادي صفوان قصي، أن الحكومة العراقية تعمل ضمن برنامج اقتصادي متكامل يهدف إلى تمكين المصارف العراقية العامة والخاصة من توسيع دورها في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، وذلك بدعم من البنك المركزي العراقي، بهدف تنشيط القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على التوظيف الحكومي.

 

وقال قصي، إن “عدم القدرة على تلبية الإنفاق في جميع القطاعات، خصوصا تلك المدرة للدخل، يتطلب التوسع في تمكين القطاع الخاص ليأخذ دوره الحقيقي في عملية التنمية”، منوهاً الى أن “هناك شركاء إقليميين ودوليين يدعمون الاستثمار في القطاعات الاقتصادية ذات العائد المضمون، ما يسهم في إنشاء مدن تخصصية صناعية وزراعية وسياحية تكون بديلًا مستدامًا للتعيينات الحكومية”.

 

وأضاف، أن “معدل الدخل في القطاع الخاص يفوق ما هو متاح في الوظائف الحكومية، وهو ما يستدعي تعزيز بيئة الاستثمار وتطوير مهارات الشباب العراقي، لاسيما أن العراق يمتلك طاقة شبابية واسعة تتراوح أعمارها بين 15 و60 عاماً، تمثل ثلث السكان تقريباً، وتشكل عنصراً جاذباً للمستثمرين بتكاليف مناسبة”.

 

ولفت قصي إلى، أن “العراق يستورد بقيمة ما بين 60 إلى 70 مليار دولار سنوياً من المواد التي يمكن إنتاجها محلياً”، مؤكداً أن “إنشاء المصانع والشركات بدعم حكومي وضمانات استثمارية سيسهم في إحلال الواردات وتحقيق إيرادات شبه مضمونة”.

 

وتابع، أن “نجاح هذه المبادرات يتطلب إنشاء نافذة استثمارية موحدة تمنح التراخيص وتيسر الإجراءات، إلى جانب ضرورة إعادة تأهيل أدوات القطاع الحكومي ليتكامل مع القطاع الخاص، مما سيخلق بيئة تنافسية صحية تخدم المواطن وتقلل من الاستيراد غير الضروري”.
bb
Comments (0)
Add Comment