الكبار.. في خبر كان

كتب/ عباس البخاتي

تشهدُ الأروقةُ السياسيةِ حركةً دؤوبةً لإنعاش الوضعَ الراهنِ، من خلالِ البحثِ عن عواملِ الدعمِ الكافي لحكومةِ الكاظمي التي يعتبرها بعضُهم الفرصة الأخيرة.

الحراك جاءَ كردةِ فعلٍ لتبني ذات المنهج المعمول به مع الحكومة السابقة، من قبل الكتل السياسية الكبيرة التي إعتادت وضعَ العراقيلِ أمام المتصدي للشأن التنفيذي، بداعي الاستحقاق الإنتخابي والتمثيل المكوناتي، متجاهلين الاوضاع التي يشهَدُها البلد، والحراك الشعبي الذي عبرت عنه التظاهرات التي راح ضحيته مئات من أبناء القوات الأمنية والمتظاهرين، إضافة إلى تدهور الوضع الإقتصادي جراءَ هبوط أسعار النفط الناجم عن تفشي وباء كورونا المستجد.

القراءة الذكية للمشهد تؤكد أن ما جرى ويجري وما يعانيه ابناء الشعب_ كل ذلك في وادْ، والكتل الكبيرة المطالبة بعودة المحاصصة والراغبة بالحفاظ على المكتسبات السياسية والحزبية في وادٍ آخر.

بناءً على تلك المعطيات، أصبح من الضروري العمل الجاد على تبني خطوةٍ جريئةٍ من شأنها سحبَ البساطِ من تحتَ أقدام الكتل المؤثرة في المشهد، والمتحكمة في القرار والتي ترى في نفسها أنها اللاعب الأوحد في الساحة دون الاكتراث لبقية الشركاء وحجم تمثيلهم تحت قبة البرلمان.

إن الخطوات المزمع تبنيها من بعض الكتل وكما تنقل التسريبات، ربما يمكن لها ان تكون عامل قوة لدعم موقف الحكومة، الأمر الذي سينعكس بشكل صحيح ومؤثر في قوة الدولة كما سيساهم في تحجيم النتوءات الصغيرة والظواهر السلبية، التي سيؤدي تفاقمها الى إضعاف الدولة برمتها وتخبط الحكومة في قراراتها.

إن التركيز على كيفية بناء الدولة يُعَدْ بنظر البعض نوعاً من الترف الفكري في ظل الصخب الجاري، خصوصاً بعد وصول العديد من القناعات الى مشارف اليأس من إصلاح الأمور، لكن الواقعية السياسية تحتم على المتصدي _ أي كان العمل على تأسيس مشروع سياسي وفق بناءات صحيحة يرافقه تقدم امني ملموس بإرادة جادة لانتشال الوضع الإقتصادي مما يعانيه، وبالتالي إعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية التي لا بديل عنها والانطلاق نحو إعادة كرامة الإنسان العراقي.

المضيَ باتجاه هكذا مشروع يمكن إعتباره نواةً لكرةِ الثلج، التي إذ ما تدحرجت سيشهد الوضع العراقي تعاظماً للإيجابيات بعد محطات مريرة من الانقسام والتشضي.

وجود المشروع السياسي الناجز والواضح والعادل، سيدفع باتجاه تعزيز المنجز الأمني بعد أن شهدت بعض المناطق الغربية نشاطاً ملحوظاً لتحركات داعش، وربما سيترجم ذلك إلى الاهتمام بالبعد الإقتصادي، مع وجود نقاط القوة المطلوبة بالرغم من الحاجة الملحة الى تنظيمها بالشكل الصحيح.

يعتقد البعض إن الفرصة سانحة لبلورة تكتل برلماني قوي يكون للكتل الصغيرة دوراً مؤثراً فيه، مع السعي لإستقطاب الأصوات التي تحمل الهم العراقي في الفضاء الوطني بعيدا عن الاشتراطات المسبقة، والإبتعاد عن لغةِ المنفعة وتبادل المصالح الفئوية عسى أن يكون ذلك معبراً ولو عن جزءٍ بسيطٍ من نبضِ الشارع المطالب بالإصلاح السياسي، عندها سيصبح من يدعون أنفسهم بالكبار في خبر كان.

Comments (0)
Add Comment