سخرية وإستهزاء المجتمع تدفع بقصار القامة بذي قار للعيش حياة بائسة ومنعزلة

جريدة الناصرية الالكترونية – خاص

يعاني قصار القامة في ذي قار، منذ عدة سنوات، من نظرة دونية وسخرية في كثير من الاحيان، في عدد من مجالات الحياة، وتحولت تلك النظرة الى معاناة حقيقية، وبات قصيري القامة، محط استهزاء مجتمعي واضح، وسط غياب الدعم الحكومي لهذه الفئة التي تحتاج الى رعاية واهتمام كبيرين.

وتأتي تلك النظرة بحسب مراقبين ومتابعين، بعد ان أظهر الفن والتمثيل ومواقع التواصل الاجتماعي قصار القامة بمظهر السخرية والاستهزاء، وهذا يمثل انتهاكا صارخا بحق هذه الفئة، فقد عمد الكثير من الفنانين الى جعل بعض قصيري القامة في المشاهد الكوميدية الساخرة، والتي صارت فيما بعد نظرة دائمة بمجال السخرية والضحك حتى في الحياة العامة.

وبالرغم من النظرة الاجتماعية السلبية تجاه تلك الفئة التي يرى فيها البعض محط استصغار، الا أن الكثيرين من قصار القامة في ذي قار حققوا انجازات عالمية في الرياضة كالبطل جراح نصار وإنجازات في مجال السينما والمسرح والفن بشكل عام.

وبهذا الصدد يقول، الفنان غزوان الطويل، وهو فنان وممثل مسرحي ، بأنه، “محبط بسبب النظرة الدونية التي يحملها المجتمع ضدهم، وكيف تحولت تلك النظرة الى اساءة مستمرة بحقهم يتعرضون لها بشكل دائم، وهو ما يجعلهم يمرون في كثير من الاحيان بمواقف محزنة”.

ويوضح الطويل، في حديث لجريدة الناصرية الالكترونية، أنه، “ترك التمثيل بسبب الاساءات المتكررة التي تحصل بحقه، والاساءات التي تحصل في الفن، وتحول الفنان،”قصير القامة”، الى مجرد مهرج وهو ما انعكس سلبا على حياته الخاصة والمواقف التي يتعرض لها في الشارع”.

ويروي الطويل، بحزن كيف أنه تعرض لمواقف محرجة واساءات وكلمات بذيئة في الأماكن العامة، ويقول، أنه “ذات مرة كان قد تعرض الى شتائم وسباب من قبل بعض الناس في الشارع، وفي مرة اخرى، تعرض الى استهزاء وسخرية من بعض الاصدقاء في احدى الاماكن، حتى انه كان يتحرج من الحضور الى المناسبات العامة”.

ويضيف، “ان ما يمدني بالقوة ومواجهة هذه المواقف، هي والدته واهله بشكل عام، هناك اصرار ودعم كبير يتلقاه من أهله،” ويلفت الطويل، “الى أنه ترك التمثيل منذ فترة، بعد ان كان أحد الوجوه الصاعدة في المسرح بذي قار، بسبب الادوار والشخصيات التي تعطى لقصير القامة والتي تكون بالعادة ادوار تقلل من شأنه وتضعه في مكان سخرية، يبتعد عنها في الحياة العامة”.

ويتابع الطويل، بأن، “قصار القامة هو أشخاص لهم حقوق وعليهم واجبات في المجتمع، وهم أناس لديهم رغبة في بناء البلد والمساهمة في ان يكونوا منتجين وفاعلين وايجابيين داخل المجتمع، ومحاولة خلق نظرة ايجابية بحق فئة قصيري القامة”.

وتشكل مواقع التواصل الاجتماعي، نقطة تحول جديدة في حياة قصيري القامة، فقد أظهرت الكثير من الفيديوات الساخرة والمضحكة للكثير من هذه الفئة وهم يمثلون في مشاهد كوميدية، في الغالب تركز على السخرية، بعيدا عن هموم ومشاكل تلك الفئة.

وبالمقابل يقول رئيس جمعية نهضة قصار القامة في ذي قار، الحسن الرفاعي، في حديث لجريدة الناصرية الالكترونية، أن “عدد المسجلين لدينا في التجمع ما يقارب 150 شخصا ومن كلا الجنسين من قصار القامة، وأن هذا التجمع مهم لتشجيع ومساعدة أفراد شريحة قصار القامة ، وتمكين أفرادها لإثبات حقوقهم في العيش، وان يكونوا أعضاء منتجين في المجتمع”.

وأوضح بأن “التجمع يسعى التجمع قدر المستطاع بالاتصال بالمنظمات المعنية الوطنية والعالمية والتنسيق معهم ؛ لغرض خدمة هذه الفئة ، كما ويجتهد لتوفير فرص العمل الذي يزيد إمكانياتهم والشعور بالانتماء لهذا الوطن الحبيب”.

وأضاف، الحسن، “هناك عدة جوانب يجب ذكرها بهذا الشأن منها، “مايتعرض له قصار القامة من مضايقات ومن تلاقف العبارات الجارحة في الشارع،  بسبب ماروجه الإعلام السلبي بحق تلك الشريحة ، مما رسم صورة مشوهة المعالم بحقهم”.

وتابع الرفاعي حديثه، “يعتبر العمل الدرامي الذي يستخدم قصار القامة بأدوار فرعية غير البطولة ويقلل من شأنهم ويحط من قدرهم القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث تبناه الإعلام السلبي وأخذ التلفاز على عاتقه بذل أقصى جهده في الترويج لفكره وتحقيق مأربه، أثقلت تلك الأدوار على كاهل شريحة قصار القامة بمعنى الكلمة فكان وابل من الهموم انصب على رؤوسهم . حتى تحمل الإعلام مع تأكيده المستمر على مداومة عرضه”.

وزاد في القول، “حصلت تلك الدراما السلبية على شد انتباه كثير من البيوت العربية عموماً العراقية خصوصاً ، منهم المتفرج الضاحك على معاناة تلك الشريحة فكانت مشاهدته لغرض الترفيه عن النفس والتنقيص من تصرفات إنسان له حقوق وعليه واجبات ، يهتز ضاحكاً على مواقف غير إنسانية”.

وبيّن، “عتبي على من سعى ودعى لفكرة استغلال تلك الشريحة المنسية وزج بأفرادها في واحة الاستهزاء والسخرية مدعي ان ذلك الهرج ملحمة فنية فيها فائدة اجتماعية ، غايته من ورائها كسب منافع دنيوية ، مبتعد عن القيم الإنسانية”.

ويقول الناشط المدني والحقوقي علي حسن جابر،في حديث لجريدة الناصرية الالكترونية، “لقد ساد العرف الإجتماعي على اعتبار أن الأشخاص من ذوي قصار القامة مصدر من مسلمات النشاز عن الطبيعة البشرية ومتوسط اطوالها المعتادة حتى ساد الإعتقاد على جعلها مصدر للفكاهة والنكتة بشكل سلب مؤثر في حياتهم والآلام النفسية التي تسببها نظرة المجتمع اليهم”.

وتابع، “بل ان هذه العقلية السائدة تجاههم سببت لهم عزلة اجتماعية ولم يسمح لهم في العمل او التزويج بسبب ذلك الوعي العرفي المتجذر داخل المجتمع مما يلقي على الحكومة الإهتمام بهذه الشريحة المغيبة عن المشاركة المجتمعية واستثمارهم كطاقة لموارد بشرية في البناء الإنساني سيما أن العراق موقع على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”.

وأضاف أن “الدستور العراقي النافذ الزم على السلطات الاتحادية والمحلية مساواتهم في الحقوق والواجبات بل واعطاهم في مواد دستورية أخرى اهمية خاصة وهذا بدوره يحقق الحاجة المهمة الى بناء وعي مجتمعي مختلف في النظر لهذه الشريحة الهامة والوعي يندرج من نظرة السلطة لهم وكيفية خلقه لدى العامة بإتجاه انصافهم”.

وكان عضو مجلس محافظة ذي قار حسن الوائلي قد أكد في 2016، بأنه “لا مقاعد مخصصة للمعاقين في وسائل النقل الحكومي ، ولا اماكن محددة لمراجعاتهم في الدوائر الحكومية ، وقبل هذا وذاك ، لا مدارس خاصة بهم معترف بها حكوميا ، ذلك باختصار وضع المعاقين وقصار القامة في ذي قار والذين يزيد عددهم عن الـ29 الفا”.

وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد أكد، الاربعاء، أن قصار القامة متساوون مع بقية المواطنين ولهم ميزاتهم الخاصة، واعدا بالعمل على ايجاد تشريع لتحويل عملهم الى جمعية توفير مقر دائم للجمعية والتكفل بدفع بدل ايجارها السنوي.

وقال مكتب عبد المهدي في بيان، تابعته جريدة الناصرية الالكترونية، إن “رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي استقبل، اليوم، عددا من أعضاء جمعية قصار القامة للتعرف على اوضاعهم ونشاطهم وتلبية احتياجاتهم”.

واكد عبد المهدي، أن “قصار القامة مواطنون متساوون مع بقية المواطنين ولهم ميزاتهم الخاصة، ووعد بالعمل على ايجاد تشريع لتحويل عملهم الى جمعية للنفع العام يتضمن تحديد نسب لفرص عمل واعفاءات وتسهيلات ودعاهم للمساهمة في اعداده”.

ووعد عبد المهدي، بـ “توفير مقر دائم للجمعية والتكفل بدفع بدل ايجاره السنوي”، فيما قدم، اعضاء الجمعية “شكرهم الى رئيس مجلس الوزراء على اللقاء بهم وتلبية احتياجاتهم”.

Comments (0)
Add Comment