احتفى نادي الشعر بالشاعر المغترب يحيى السماوي لمناسبة فوزه بجائزة جبران خليل جبران العالمية عن مجموعته الشعرية “أنقذتني مني”، التي سبق وان حصل عليها الجواهري وسميح قاسم وفاطمة ناعوت في الشعر العربي المعاصر وتمنح الجائزة من مدينة سدني الاسترالية. قدم الجلسة الشاعر جاسم بديوي. وحضرها عدد كبير من الأدباء والإعلاميين
سيرة كفاحية
استهل المحتفى بالحديث عن تجربته الشعرية ومسيرته الحياتية قائلاً :” ثمة طفل يختبئ تحت عباءة طفولتي والأحرى شيخوختي، أقسم بالذي جعل العراق سيد الأوطان مع أنه وطن البكاء ولا أستحق أن أكرم، لكن عراقيتكم أبت الإ أن تجعل من فسيلتي نخلة، انا ابن أمٍ قروية وأب كان يبيع التفاح والبرتقال على أرصفة المدينة، لا ادري كيف حبوت على رصيف الشارع”. مضيفا.. الشعر بالنسبة له المرض الوحيد الذي يسمو على العافية، كاد أن يقوده إلى حبل المشنقة، ثم بدأت خطوته الأولى عقب أول صفعة من شرطي أمن.
بين السماوي بتواضع أن إلجوائز التي حاز عليها بفعل المصادفات، كجائزة أفضل ديوان شعري العام 1993 وجائزة القصيدة العربية في دار المنهل العام 1994 في السعودية . تعرض السماوي للاعتقال والتعذيب في سجون النظام الدكتاتوري آنذاك، شارك في الانتفاضة الشعبية العام 1991،وبعد قمعها من قبل قوات النظام،هرب الى الاهوار، متجها نحو صفوان ومن ثم لجأ إلى السعودية ومنها تعرف على الفنان الراحل فؤاد سالم وعمل معه في اذاعة الانتفاضة، وفتح له المجال بأن يصرخ ملء حنجرته. بعد ذلك وجد أن الشعر ميله الوحيد ليمسح به جرح قلبه، ربما كان أول شاعر عربي وحتى عراقي يصدر ديوانا يدعو فيه للكفاح المسلح ضد الدكتاتورية .
واختتم حديثه قائلاً: أكرمتموني بأكثر ما استحق فتقبلوا انحنائي لكم . ثم قرأ السماوي عددا من نصوصه، ومنها نقتطف”
غربتي/ لم تبق لي من دفتر الأيامِ/ إلا ورقة !/ ومن الحقل الفراتي/ رماد الشوك والدغل …/ ولي ًمن بيت مال النفط/ لام الشفقة/ فانا كابن سبيل ويتيم/ استحق الصدقة ْ الناقد علي حسن الفواز بين في مداخلته أن الحديث عن الشاعر يحيى السماوي يقود للحديث عن تجربة لم تحظ باهتمام نقدي، مثلما حظيت بها الجماعات الشعرية التي عاش معها السماوي وفق التصنيف التقليدي، الذي ينتمي إلى مرحلة السبعينات الشعرية. بكل مايعنيه هذا الجيل من صخب في أثارة أسئلة جديدة يختلط فيها الحسي مع الايدلويوجي والإنساني والجمالي. السماوي يعد واحدا ًمن الجيل المغامر والمغترب فنياً ووجودياً، لكنه انفلت عن مسار الجيل في منتصف الطريق عندما بدأت التجربة تكتمل حتى نهاية جيل السبعينيات حينما انكسرت “الجبهة الوطنية ” .
الناقد فاضل ثامر رئيس اتحاد الادباء بين أننا لم نحسم هذه الفجوة المعرفية التي تمثل جرحا في الثقافة العراقية الا وهي محاولة استكمال الصورة لأدبي الداخل الخارج. الكثير من الاسماء الكبيرة التي قدمت انجازات مهمة في مجال الشعر والقصة والرواية والنقد لا نعرف اسماءها، وقد نفاجأ أمام طاقة كبيرة ونحن لا نعرف عنها شيئا مضيفا بأننا بحاجة الى أن نعيد قراءة الشاعر المغترب، وأن نردم الفجوات التي بقيت في ثقافتنا ومنظورنا.
وختم كلمته بان السماوي واحد من الأسماء التي لم نكن نعرف حقيقة إنجازاته في المنفى وكان من الأصوات العالية في حركة المعارضة، أينما كان يرتحل يحمل صوت الشعر والقضية العراقية