مباديء الإمام الحسيين (ع) ..وخطابنا الإعلامي المعاصر …!!

بدعوة كريمة من جناب الأستاذ الدكتور محمد عبد فيحان (رئيس قسم الإعلام في جامعة أهل البيت) كان لي شرف الحضور في الندوة الثقافية المفتوحة التي أقامتها جامعة أهل البيت في كربلاء تحت عنوان (من مباديء الإمام الحسين (عليه السلام) نستلهم خطابنا الإعلامي المعاصر)..وقد أستمعت إلى كل الكلمات والخطب والمداخلات التي تفضل بها الأساتذة الأفاضل والمشايخ والبعض من الإعلاميين فوجدت أن أكثرها – مع الأسف- لم تلامس واقع وجوهر عنوان الأمسية ولم أجد فيها ربطاً بينها وبين واقع خطابنا الإعلامي المعاصر ..فالبعض أسهب في الحديث عن (مصيبة الحسين) وكأننا في مجلس عزاء وليس ندوة فكرة تقارب بين مباديء الحسين وخطابنا الإعلام المعاصر ، والآخر تحدث بموضوع الغيبيات والقدسيات والمعجزات التي نحن لسنا بحاجة إلى سماعها في هكذا ندوات فكرية وثقافية ..لأننا نسمعها كل يوم !!!..وآخر ..وآخر ..وهكذا ..إلا اللهم بعض الكلمات القصيرة لبعض الأساتذة والإعلاميين التي دخلت في صلب الموضوع ولكن برفق وحياء..!!
وقد أتيحت لي الفرصة للمداخلة في الموضوع ورغم أختصار كلمتي إلا أنني أوجدت ربطاً عملياً وموضوعياً بين مباديء الإمام الحسين وخطابنا الإعلامي المعاصر ..وبينت الفرق الشاسع بين خطاب الإمام الإعلامي ومبادئه العظيمة وبين خطابنا الإعلامي المعاصر وما يكتنفه من أشكالات ومؤشرات وبوادر خطيرة لاتسرنا أبداً …..!!
فقلت في مداخلتي : ( إن المتتبع لمسارات الطف منذ بداياتها وحتى نهايتها يرى بأن الأمام الحسين (ع) كانت له خطابات عديدة ومتنوعة ..وكل هذه الخطابات كانت موجهة لأعدائه وأصحابه على حد سواء ..ولو أمعنا في عمق هذه الخطابات لوجدناها تتركز على ثلاثة محاور رئيسية :
أولاً : خطاب للعقول : وقد خاطب فيه – الحسين- عقول الناس وأفكارهم وفطرتهم الإنسانية قائلاً (أني لم أخرج أشراً ولابطراً ولامفسداً ولاظالماً ، أنما خرجت لطلب الأصلاح ) … فهو قد أعلن أسباب خروجه وهدفه العام وهو الإصلاح ..وعلى إعلامنا المعاصر أن يكون خطابه للناس والمجتمع هو خطاباً يدعو للإصلاح والبناءوحفظ النظام ، وليس خطاباً يدعو للإفساد والفوضى والتخريب والتمرد ..!!
ثانياً : خطاب القلوب والضمائر : وقد خاطب فيه الإمام الحسين (ع) ضمائر الناس وقلوبهم .. قائلاً : ( ويحكم : أهؤلاء تعضدون ..وعنا تتخاذلون …) ..!!؟؟ الحسين يقول بلهجة التعجب : هل تعلمون أنتم من تنصرون علينا (نحن أهل الحق) ..؟؟ أنكم تنصرون المجرمين والظالمين والبغاة والسارقين (تعضدونهم) وتدافعون عن سلطتهم الفاسدة والغاشمة ..فهل أنتم تدركون عواقب أفعالكم ونصرتكم لهؤلاء ..؟ ..وعلى إعلامنا المعاصر أن يكون مع الحق ضد الباطل ..ومع أهل الحق ضد أهل الظلم والفساد والسرقات والأختلاس مهما كانوا ..وأن لايبقى متفرجاً بين الحق والباطل ، هذا – على الأقل- إن لم يكن هذا الإعلام – بعضه- يعاضد الباطل ويخذل الحق ..!!
ثالثاً : خطاب العواطف : وهو آخر أسلوب لجأ إليه الإمام الحسين (عليه السلام) في آخر لحظاته لتحريك وتوعية ذلك الجيش الذي وقف لحصاره وعزم على قتله وأستباحة دمه وأنتهاك حرمته ..فقال: ( إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم إن كنتم عرباً كما تزعمون …ثم نادى : أما من مجيب يجيبنا )؟!!
فهو يستنهض ههم ومشاعر هؤلاء (العرب) ويطالبهم بالعودة إلى جذورهم وثقافتهم ومكارمهم وشيمهم العربية التي تأبى الأعتداء والظلم والغدر والتعدي على النساء والإطفال..ونحن يجب أن يكون خطابنا الإعلامي خطاباً مؤدباً يرتكز على أخلاقنا العربية الأصيلة ومباديء ديننا الإسلامي الحنيف ..وأن علينا أن نستجيب لدعوة كل مظلوم في داخل الوطن وخارجه ..وأن نخاطب العرب (كل العرب) ونقول لهم : كفى أرسالكم لخنازيركم وذئابكم من التكفيريين والسلفيين تفتك بأطفالنا ونسائنا في العراق وفي سوريا وهم يرتكبون بحقنا جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية …كفى ياعرب ..إن كنتم عرباً كما تزعمون …!!!
مع ملاحظة: أن كل خطابات الأمام الحسين(ع) نراها خالية من كل طائفية أو مذهبية أو فئوية بل هي خطابات تدعوا للوحدة والتماسك والتعايش السلمي بين المسلمين …ولكننا نرى مع الأسف الشديد بأن خطابنا اليوم (فضائياتنا وصحفنا ومؤسساتنا الإعلامية) قد إندفعت بشكل هستيري إلى اللغة الطائفية والمذهبية وركبت هذه الموجة الهوجاء فأججت نار الفتنة المذهبية وتسببت بجزء كبير من هذه المآسي والرزايا التي يتعرض لها الشعب العراقي المظلوم …وإن هناك اليوم – مع الأسف الشديد- من الفضائيات من تقول أنها ضد الطائفية وانها معتدلة بخطابها ولكن الواقع يقول غير ذلك ، فهي قنوات غارقة بأوحال الفتنة الطائفية إلى أذنيها دون أن تعي ذلك …!!!
فالإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن طائفياً ولم يكن مذهبياً ولم يكن يسب أو يلعن أو يشتم المسلمين وغير المسلمين كما نفعل نحن اليوم في كل صباح ومساء في الطرقات والشوارع والمجالس والسيارات وعلى الأنترنيت والفيسبوك والصحف ..فإذا أردنا أن نستلهم من مبادئ الإمام الحسين (ع) خطابنا الإعلامي المحترم فعلينا أن نتأسى بالحسين العظيم وننهج نهجه الشريف حتى نكون مصداقاً حقيقياً من مصاديق ثمرة جهاده وتضحيته وثورته الإصلاحية الكبرى…..!!
وفي آخر مداخلتي أنبرى لي أحد (أساتذة) الندوة قائلاً : ( ولكن الإعلام المقابل أكثر طائفية من إعلامنا ..فماذا تريدنا أن نفعل) ..!!!!!! فقلت له بهدوء : وهل تريدنا أن نكون مثلهم …ونحن لازلنا في حضرة مباديء الإمام الحسين (عليه السلام) ..!؟؟
..مع تقديري وإجلالي الكبيرين لكل المنابر الإعلامية الصادقة – من فضائيات وكتاب وإعلاميين ومؤسسات صحفية- التي تنتسب للحسين جوهراً وروحاً وفكراً وحقيقة ..وليس عاطفة وشكلاً وقشوراً ..
******
ملاحظة : ليس كل ماورد في هذا المنشور أنا قلته (نصاً) خلال المداخلة ولكنه مقارباً له بشكل كبير..

 

Comments (0)
Add Comment