اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
في هذه الآية عدة نقاط جديرة بالوقوف عندها
1-تبيان عظمة النبي محمد وآله وفي نفس الآية تتبين عظمة الملائكة
2- التسليم التام وبكل أنواع التسليم لمحمد وآل محمد وخلفائهم
3- ايجاد المثل الأعلى الحسي لأجل ايجاد التحفيز اللازم في نفس المؤمن
النقطة الأولى:- ان الله تعالى والملائكة معا يصلون على النبي وآله وهنا يبين المولى عزوجل منزلة وعظمة اثنين من الخلائق –لو صح التعبير- الملائكة حيث جعل ذكرهم قرينا لذكره جل وعلا ، وكان يمكن أن يفصل بين الذكرين بفصل غير واو العطف ، ثم بين منزلة النبي وآله وأنهم أعظم من الملائكة بقرينة صلاته عز وجل التي تعني تزكيته عز وجل لهم عليهم السلام وصلاة الملائكة أنفسهم التي تعني التزكية والثناء من الملائكة على محمد وآل محمد .
والصلاة على النبي وآله من أعظم المستحبات بل هناك قول بوجوبها , أي كلما ذكروا يجب الصلاة عليهم
عندئذ نتساءل لماذا هذه القيمة للصلاة على محمد وآل محمد بحيث بلغ أن الدعاء لا يصعد الا بالصلاة عليهم بدءا وانتهاءا
لأنهم أهل بيت النبوة الذين لا يصعد شئ من الأرض الى السماء ولا ينزل شئ من السماء الى الأرض الا بواسطتهم فالدعاء يصعد عن طريقهم ، والفيض ينزل من الله جل وعلا الى الأرض عن طريقهم ، وهم صلوات الله عليهم يقسمونه بين الخلق كل حسب استحقاقه ، ولعلك تشكل فما بال الملائكة الذين يقول عنهم القرآن “فالمقسمات أمرا” نقول بأن هناك مثيل لهذا الفرض في القرآن الكريم ” أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” و”قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون” ولا يصعد العمل الا بعد أن يمضى منهم صلوات الله عليهم
لعل سائلا يسأل من أين أتت الصلاة على آل محمد في حين أن أن الآية ذكرت الصلاة على النبي فقط ، وها هنا جوابان:
الأول :أن الله تعالى قال: “وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا” والنبي (ص) علمنا كيفية الصلاة عليه بعطف أهل بيته (ع) عليه وقد وردت روايات من الفريقين في ذلك
الثاني : أن القرآن أيضا ذكر ذلك لكن في آية أخرى ، قال تعالى : “سلام على لِلياسين” ذات يوم وجه المأمون سؤالا للامام الرضا (ع) قال له ان الصلاة على محمد مما لا خلاف فيه وعليه اجماع الأمة ، فهل عندك في الآل شئ من القرآن؟
قال أبو الحسن (ع): نعم ،، أخبروني عن قول اللَّه – تعالى – : يس والْقُرْآنِ الْحَكِيمِ . إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ . عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فمن عنى بقوله : يس ؟
قالت العلماء : يس محمّد ، لا يشكّ فيه أحد .
وقال أبو الحسن – عليه السّلام – فإنّ اللَّه – عزّ وجلّ – أعطى محمّدا وآل محمّد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلَّا من عقله ، وذلك أنّ اللَّه – عزّ وجلّ – لم يسلَّم على أحد إلَّا على الأنبياء – صلوات اللَّه عليهم . فقال – تعالى – : سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ . وقال: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ وقال: سَلامٌ عَلى مُوسى وهارُونَ
ولم يقل :سلام على آل نوح . ولم يقل : سلام على آل إبراهيم . ولم يقل: سلام على آل موسى وهارون : وقال: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، يعنى : آل محمّد – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم – .
فقال المأمون : قد علمت أنّ في معدن النّبوة شرح هذا وبيانه
فاذن من نفس القرآن نستدل على الصلاة على محمد وآل محمد وِسيأتي دليل من نفس الآية على ذلك أيضا
وينبغي لنا أن نعلم أن الصلاة على محمد وآل محمد يصل نورها لكل الخلائق وتعود لهم بالنفع العظيم
لأن صلاة المؤمنين على النبي وآله دعاء لهم صلوات الله عليهم أن يعلي المولى جل وعلا من منزلتهم ، وهذا له شبيه في مواضع أخرى كما نقول في الصلاة وتقبل شفاعته وارفع درجته ، فاذا ارتفعت درجتهم (ص) عندئذ يصل هذا النفع لكل المخلوقات ، “وبلغه المقام المحمود الذي وعدته”
وفي ختام هذه النقطة نذكر بأن هناك الكثير من الروايات الواردة في هذا المضمون منها أن الملائكة ليلة الجمعة تنزل ومعها أقلام من ذهب وأوراق من فضة لا يكتبون الا الصلاة على محمد وآل محمد ،والصلاة على محمد وآل محمد تنفع لعلاج العجب والعلماء الذين حذروا من الأوراد التي لم يرد فيها اذن رخصوا في ثلاثة أذكار حتى لو لم يرد فيها اذن من العلماء المختصين ، وهي الاستغفار والتهليل والصلاة على محمد وآل محمد، وورد أيضا أن من صلى على محمد وآل محمد يوميا ألف مرة ولمدة أربعين يوما أحبه الله تعالى ، وقبله رسول الله صلى الله عليه وآله بشفتيه ساعة الاحتضار
وللكلام تتمة في النقطة الثانية ان شاء الله تعالى