سلسلة مقالات ما أوذي نبي مثلما أوذيت ح5 فيلم براءة المسلمين وتداعياته

فيلم براءة المسلمين فيلم امريكي يتناول حياة النبي محمد بطريقة ساخرة ،كان اسمه في مرحلة الانتاج “محاربو الصحراء” وتم عمل الملصقات الاعلانية له باسم “براءة بن لادن” ولكن تم نشره على اليوتيوب تحت اسم “براءة المسلمين” في بادئ الامر وحالياً موجود على اليوتيوب مقطع دعائي له من 14 دقيقة تقريباً باسم “ترويج لفيلم محمد” أو “الحياة الحقيقة لمحمد” تم نشره في تموز سنة 2012.ثم نشر تحت أسم باللغة العربية وفي بدايات أيلول 2012 ، بدأ موريس صادق القبطي المصري يروج للفلم على مدونة الجمعية الوطنية القبطية الامريكية، وفي 9 أيلول 2012 تم بث مقتطفات من شريط الفيديو على قناة الناس وهي محطة تلفزيونية إسلامية مصرية. الفيلم الكامل مدته 120 دقيقة لم يتم عرضه لحد الان إلا مرة واحدة وفقاً لبعض المصادر على مسرح مستأجر في هوليود أمام جمهور أقل من عشرة أشخاص. يصور الفيديو مسلمين مصريين معاصرين يهاجمون المسيحيين المصريين ويحرقون بيوتهم بينما قوات الامن المصرية المسلمة تقف متفرجة. طبيب هو وافراد عائلته يختبئون عن الهجوم ،يأخذ الطبيب قلم ويكتب على لوح بيضاء “الرجل +أكس=بي تي وبي تي ترمز لإرهابيين مسلمين ،عندما سُئل من قبل فتاة شابة عما تعنيه “أكس” يخبرها بأنه ينبغي ان تكتشف ذلك بنفسها. بقية الفيديو يعرض الشخصية الرئيسية الذي يمثل شخصية النبي محمد المدعاة بصورة هزلية مبتذلة وكذلك السيدة خديجة ومحور الفيلم يرتكز على مشاهد الجنس والعنف واظهار الرسول صلى الله عليه وآله بمظهر الشخص الهزلي التواق الى الجنس والعنف ويظهر السيدة خديجة بنفس المظهر ويشير الى إن القرآن عبارة عن خلطة من التوراة والانجيل وان الرسول صلى الله وآله يبتكر الآيات وفق حاجاته الشخصية.
كتب نص الفيلم نيقولا باسيلي نيقولا وانتجه أيضاً بالاشتراك مع أبانوب باسيلي وأخرجه سام باسيل والفلم بالإنكليزية واشترك فيه طاقم من 80 شخص تقريباً.
وفقا لسيندي لي غارسيا، وهي ممثلة في الفيلم، تقول إن باسيل ادعى إنه مطور عقاري من اسرائيل، و في وقت لاحق قال لها إنه مصري وسمعته يتحدث مع رجال ناطقين باللغة العربية ضمن طاقم التصوير. التقارير الأولية تقول إن سام باسيل عمره 52 سنة أو 56 سنة وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال ، هو مطور عقاري من اسرائيل وفق ادعاءه تحدث عبر الهاتف مع وكالة اسوشيتد برس ولكن السلطات الاسرائيلية تنفي ذلك ولا توجد أي مؤشرات على وجود شخص باسم سام باسيل بعمر خمسين سنة في كاليفورنيا حاصل على ترخيص في مجال العقارات أو له مشاركة في صناعة الافلام في هوليود، ومع ذلك فإن باسيل ادعى إنه جمع خمسة مليون دولار من أكثر من 100 متبرع يهودي.
تقارير هوليود وصفت ظهور الفلم بأنه غير مهني، وصنفته على إنه فيلم رديء، مما يثير الشك في المعلومات التي قيلت عن مخرجه ، ووفقاً لرجل عرف نفسه لصحيفة وول ستريت جورنال بأنه باسيل فإن الهدف من انتاج الفلم حسب قوله لفت الانتباه لما أسماه “النفاق” في الاسلام.
بحلول الثالث عشر من أيلول سنة 2012،تم تعريف سام باسيل على إنه نيقولا باسيلي نيقولا ، وهو مهاجر مسيحي قبطي من مصر يعيش في سيريتوس في كاليفورنيا، بالقرب من لوس انجلوس، وكان يستخدم عدة أسماء مستعارة في الماضي. قضى فترة في السجن في تسعينيات القرن الماضي بسبب تصنيع الميثاميفيتامين ،وفي عام 2010 أقرّ باحتياله على أحد البنوك فحكم عليه بالسجن 21 شهراً ، وفي حزيران سنة 2011 وأطلق سراحه إطلاقاً مشروطاً ووضع تحت المراقبة.
السلطات الامريكية تقول ان نيقولا أخبر الشرطة إنه كتب سيناريو الفيلم إثناء وجوده في السجن بمساعدة ابنه ، وإنه رصد مبلغاً لإنجاز الفيلم بين 50 الى 60 ألف دولار حصل عليها من عائلة زوجته في مصر ، ووفقاً لشبكة سي أن أن الامريكية فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي اتصل بنيقولا بسبب التهديدات ولكنه ليس قيد التحقيق بخصوص الفيلم.

مؤامرة المونتاج:
في بيان حصلت عليه وكالة سي أن أن الاخبارية الامريكية أنكر طاقم الفيلم وهم ثمانين شخصاً أو أكثر بقليل أنكروا معرفتهم بكون الفيلم مسيء للرسول وابدوا امتعاضهم من تصرف المنتج وقالوا بانهم تعرضوا لعملية خداع لان الفيلم تم اجراء تعديلات جذرية عليه في مرحلة المونتاج لم يعرفوا بها وقالوا بانهم مصدومون ويشعرون بحزن عميق.
سيندي لي جارسيا التي ظهرت في المقطع الترويجي في اليوتيوب بدور والدة عروس محمد المستقبلية، قالت ان نص الفيلم كان عن الحياة في مصر قبل ألفي سنة، وكان أسم الفيلم “محارب الصحراء” أو “عاصفة الصحراء” ، وأن الشخص الذي ظهر على إنه محمد كان يُشار إليه على إنه “السيد جورج” .وذكرت غارسيا إنها حالياً مريضة بسبب ما حصل وهي تدرس اتخاذ اجراءات قانونية ضد باسيل.
وقالت ليلي ديون الممثلة الأخرى في الفيلم لشبكة سي أن أن إنها وبضعة ممثلين آخرين طلب منهم في مرحلة المونتاج قول كلمات معينة ومنها كلمة “محمد”.
آنا غورجي، وهي إحدى الممثلات الرئيسيات في الفيلم حيث لعبت دور عروس شابة لبطل الفيلم، والتي تظهر مع نيقولا في الصورة الوحيدة التي تنسب له قالت انها تعرضت لعملية غش وخداع من نيقولا الذي قام بدبلجة السيناريو الأصلي، بحيث أصبحت عباراته معادية للإسلام. وذكرت غورجي إن القصة الأصلية للفيلم هي عن نيزك سقط في منطقة من الشرق مضيفة إنها كانت تتقاضى 75 دولاراً عن كل يوم اشتغلت فيه بالتمثيل في الفيلم الذي لم تكن تعرف بأن نيقولا قام بتحويله ليصبح مسيئاً للإسلام.
وفي وقت سابق، سارة عبد الرحمن، وهي منتجة في البرنامج الاعلامي لدبليو إن واي سي كانت قد شاهدت المقطع الترويجي للفيلم واستنتجت إن كل الاشارات الدينية فيه أُضيفت في مرحلة المونتاج. وأضافت إن الفيلم الاصلي كان ينتج من شخص تم تعريفه في المقابلات على إنه آلان روبرتس-وهو صانع افلام امريكي- ولم يتضمن إشارات الى محمد أو الاسلام.
المنظمة غير الربحية الامريكية المسيحية للإعلام حصلت على رخصة اطلاق الفيلم في آب سنة 2011 وكان نيقولا قد جعل من بيته موقعاً للتصوير.
في حين تحدث مسؤول المنظمة جوزيف نصر الله عبد المسيح عن إن نيقولا استخدم اسم المنظمة للحصول على الرخصة دون علمها وتم اكمال الفيلم دون معرفتها أيضاً. في حين صرح بعض العاملين في الفيلم إنهم شاهدوا ممثلين عن المنظمة في موقع التصوير.
ستيف كلاين وهو من قدامى المحاربين في فيتنام ومن النشطاء في معارضة الاسلام ، طلب منه نيقولا أن يكون المتحدث الرسمي باسم الفيلم ،ويقول بأنه أخبر نيقولا بأنه سيكون ثيو فان كوخ القادم، في إشارة الى مخرج فيلم الضياع الذي تعرض للقتل، وقال كلاين في وقت سابق للصحفي جيفري غولدبرغ إن “باسيل” ليس اسماً حقيقياً وإنه ليس اسرائيلياً ولا يهودياً.
ونقلت صحيفة ديلي تيليغراف في تغطيتها الخاصة بالأحداث تحت عنوان “مخرج الفيلم سجين سابق تحت المراقبة قد يعود الى السجن” نقلت وصف أحد اصدقاء نيقولا السابقين له بأنه “فنان في النصب والاحتيال ، ويمكن ان يغش أي أحد ويمكن أن يقوم بأي شيء من أجل الحصول على المال أو السعي للشهرة”.
وقد توارى عن الانظار كل من نيقولا وروبرتس وجوزيف نصر الله بعد ردة الفعل العنيفة على الفيلم.

فيبدو من خلال المعلومات المعروضة ان صاحب فكرة الفيلم هو نيقولا باسيلي نيقولا وهو مصري قبطي حاصل على الجنسية الامريكية وسجين سابق كان من ضمن شروط اطلاق سراحه عدم استخدام الانترنيت.
ويمكن الى حدٍ ما قبول ادعاءات الممثلين بعدم معرفتهم بمحتوى الفيلم الحقيقي وإنه قد تم اجراء تغييرات جذرية عليه اثناء المونتاج، خاصة بعد ان عرفنا ان نيقولا مخادع كبير ، رغم إن فهم تصريحاتهم على إنها تراجع بعد ردة الفعل الكبيرة على الفيلم أمر وارد جداً، ولكن تبقى مسألة ادعاء نيقولا إنه اسرائيلي وحصوله على تمويل من اليهود مسألة بلا تفسير خاصة بعد نفي الجهات الاسرائيلية ذلك وعدم وجود دليل واضح على ادعاء نيقولا لكن كثرة التصريحات النافية لذلك ومنها تصريحات ستيف كلاين ورابطة مكافحة التشهير تجعل احتمال وجود يد لجهات يهودية في الموضوع أمر وارد جداً، خاصة وإن الرجل سهل الشراء كثرة اسماءه المستعارة ربما تكون دليلاً على عمله مع جهات مخابراتية ، وكذلك فإن دور اليهود في اغلب موارد الاساءة لم تعد أمراً خافياً.

نشر الفيلم وردود الأفعال:
في بداية شهر أيلول سنة 2012 قام موريس صادق القبطي المصري الأصل بالترويج للفيلم في مدونته العربية ويوم 8 أيلول سنة 2012 قام الداعية خالد عبد الله ببث مقطع من دقيقتين من الفلم على قناة الناس المصرية منتقداً تصوير الفيلم، وبعد ذلك بدأت موجة من المظاهرات في مناطق مختلفة من العالم.
(العراق ،ايران، لبنان، البحرين، مصر، ليبيا، باكستان، ماليزيا، إندونيسيا، الاردن، مصر، السودان، أوربا، الولايات المتحدة الامريكية، استراليا، نيجريا، السودان، افغانستان، الهند)
شهدت البعض من هذه المظاهرات أعمال عنف، وتمت مهاجمة بعض السفارات والمصالح الغربية.
ولعل أكثر المشاهد عنفاً كان مهاجمة السفارة الامريكية في بنغازي مما أدى الى مقتل السفير الامريكي هناك كريستوفر ستيفينز في مشهد دموي شهد الكثير من الاعتراضات.في حين تم عرض شريط فيديو قام بتصويره احد الحضور وبثه لاحقاً يبدو فيه إن من حملوا جثة السفير لم يكونوا من المهاجمين وإنما هم من السكان المحليين وكانوا ينوون انقاذ السفير الذي توفي اثر الاختناق ولم يكونوا يعرفونه على إنه السفير أصلاً.ووفقاً لبعض التحليلات فإن تفجير السفارة وقتل السفير كان سيناريو مدبر سلفاً لأغراض سياسية. كما وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم وقال إنه جاء انتقاماً لضربة اميركية بدون طيار ادت الى مقتل أبو يحيى الليبي، أحد قادة التنظيم. وحسب سكان محليين فإن تنظيم جماعة “أنصار الشريعة” السلفية المتطرفة هي التي هاجمت السفارة وقتلت السفير وقد انتفض أهالي بنغازي ضد هذه الميليشيا يوم الجمعة 21 أيلول وتمكنوا من طردها من مبنى تابع للأمن وسط المدينة.
صدرت بعض البيانات والتصريحات من جهات دينية مختلفة بخصوص الموضوع من مرجعيات ومؤسسات وشخصيات دينية وعلمائية وشاركت جهات دينية مسيحية في شجب هذا الفيلم المسيء.
كما وصدرت تصريحات ومواقف من حكومات مختلفة ومسؤولين حكوميين حول العالم، تباينت بين شجب عرض الفيلم أو الدعوة لمحاكمة القائمين على انتاجه او غلق أو التهديد بغلق موقع اليوتيوب وحجب أو التهديد بحجب المواقع التي تعرض الفيلم وبين الدعوة لموقف معتدل من الموضوع أو المطالبة بموقف دولي تجاه موضوع ازداء الاديان والرموز الدينية أو الدعوة لتجريم معاداة الإسلام أسوة بتجريم العنصرية ومعاداة السامية.
ونددت بعض الجهات الدولية كمجلس الامن والاتحاد الاوربي بأعمال العنف التي رافقت بعض المظاهرات ومهاجمة بعض السفارات داعية الدول الى الالتزام بواجباتها في حماية البعثات الدبلوماسية والقنصلية.
أما الموقف الرسمي داخل الولايات المتحدة الامريكية فكان ابرز سماته التأكيد على حرية التعبير وعدم مسؤولية حكومة الولايات المتحدة الامريكية عن الفيلم وعدم مخالفة انتاج الفيلم ونشره لقوانين البلد ، كما وتم التأكيد على حوادث مهاجمة السفارات الامريكية وكيفية التعامل مع ذلك.
وكان الموضوع محط نزاع بين المرشحين للانتخابات الامريكية المقبلة فقد ندد المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية ميت رومني بالفيلم الذي يسيء الى الاسلام معتبراً إن الامر يتعلق ب”فكرة مريعة” مع تأكيده مجدداً تمسكه بحرية التعبير. وقال رومني في مقابلة مع محطة التلفزيون الاميركية “اي بي سي” انه كان من الخطأ بث هذا الفيلم الذي يسيء الى ايمان الناس. واضاف “اعتقد إن الفيلم برمته عبارة عن فكرة مريعة”. واضاف إن “مجرد انتاج هذا الفيلم وبثه هو تقليل من احترام الناس الذي لهم معتقدات مغايرة. واعتقد انه ما كان يجب ان يحصل هذا الامر”.
وقال الرئيس الامريكي الحالي والمرشح الديمقراطي للانتخابات المقبلة في كلمته في افتتاح الدورة السابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة “إن هذا الفيلم لا يمثل إهانةً للمسلمين فقط ، بل هو إهانة للولايات المتحدة أيضاً لان بلاده تحترم الأديان جميعاً، وتقوم بحماية جميع المعتقدات الدينية ولفت إلى إنه لا توجد عقوبة تجديف ضد الاديان في الولايات المتحدة ،وإن هناك انتقادات للديانة المسيحية التي تمثل الاغلبية في أمريكا، ولا يمكن لأحد ايقافها” على حد تعبيره.
موقف السعودية المتخاذل:
وانتقدت الكثير من الجهات والنشطاء والاعلاميين الموقف المتخاذل للحكومة السعودية تجاه الاساءة لرسول الله صلى الله عليه وآله وعدم صدور أي رد معقول من حكومة ترفع اسم رسول الله في علمها ويقع مكان بعثته ومدفنه الشريف على أرضها.
كما وقارن بعض الكتاب بين الموقف السعودي هذا والموقف من الاحتجاجات التي قام بها بعض المصريين امام السفارة السعودية بالقاهرة في الثامن والعشرين من شهر نيسان اعتراضاً على إلقاء القبض على المحامي المصري أحمد الجيزاوي في مطار جدة ، حيث قامت السعودية وقتها بسحب سفيرها لدى مصر أحمد عبد العزيز القطان، واتهمت المحتجين أمام سفارتها بإهانة “الذات الملكية” المتمثلة في شخص ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
وكان الموقف السعودي اليتيم من الاحداث هو إدانة الفيلم المسيء من قبل وزير الخارجية السعودي في اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون بعد ستة أيام من نشوء الأزمة.ثم اعقبه موقف خجول هددت فيه الحكومة السعودية بمقاطعة موقع يوتيوب يوم 18 أيلول وجاء متزامناً مع تهديد حكومة روسيا بذلك.وعزا مراقبون السبب في ذلك التخاذل الى طبيعة العلاقة بين السعودية من جهة وامريكا واسرائيل من جهة أخرى ، وربما يمكن الحديث عن تأثير المنهج الوهابي الذي لا يكن أي احترام معقول لرسول الله بعد وفاته حتى نقل عن زعيمه محمد بن عبد الوهاب قوله “عصاي هذه خير من محمد” فمثل هكذا منهج لا يهتم لمثل هكذا اساءات بل ان عقائده وتصرفات افراده تمهد الطريق لمثل هكذا اساءات بل وتساهم فيها بأشكال متعددة.

وقامت حكومات بحظر عرض الفيلم المسيء أو حظر موقع اليوتيوب او هددت بذلك. وطلبت الحكومة الامريكية من شركة غوغل المالكة لموقع يوتيوب حذف الفيديو المسيء لكن غوغل رفضت طلب البيت الأبيض هذا بحجة ان ذلك يخالف مبادئ حرية التعبير واكتفت بحجبه في مصر وليبيا ومن ثم الأردن على أثر المظاهرات ومهاجمة السفارات الامريكية هناك، وبفرض رقابة على الفيلم في الهند واندونيسيا، وقالت غوغل إنها فرضت مزيداً من القيود على امكانية مشاهدة الفيلم امتثالاً للقانون المحلي للدول التي تم حجب الفيلم فيها او فرضت قيود على مشاهدته فيها وليس استجابةً لضغوط سياسية.واضافت الشركة إن هذا الموقف يتماشى بشكل كامل مع المبادئ التي وضعناها اول مرة في 2007، وإن عرض الفيديو المسيء هذا لا يتعارض مع خطوطها الرئيسية.
وعلى أثر هذه المظاهرات ومهاجمة السفارات فإن الولايات المتحدة الامريكية قامت بتحريك اسطولها في البحر الابيض المتوسط وارسلت قوات كوماندوس الى اليمن لحماية السفارة هناك كما وطلبت من حكومة السودان الموافقة على ارسال قوات أيضاً لكن حكومة السودان رفضت الطلب ،وبحسب محللين فإن الولايات المتحدة الامريكية قد تتخذ من مهاجمة السفارات ذريعة للتدخل أو زيادة التدخل في شؤون بعض دول المنطقة، في إشارة إلى احتمال وجود يدٍ للحكومة الامريكية في موضوع الفيلم المسيء أو محاولتها استثماره لصالحها.وانتشرت حملات ضد الفيلم المسيء على صفحات الانترنيت وفي مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص وتبنت جهات مختلفة مقاطعة موقعي محرك البحث غوغل وموقع يوتيوب ليومي 24 و25 أيلول 2012.

الموقف القانوني من اليفلم ومنتجه:
استاذ القانون ستيفن كارتر وخبير القانون الدستوري فلويد أبرامز اشار كلاهما إلى ان الحكومة لا تستطيع محاسبة منتج الفيلم على محتوى ذلك الفيلم بسبب التعديل الأول للدستور الامريكي الذي يحمي حرية التعبير في الولايات المتحدة الامريكية حتى لو كان الخطاب فيه كفر او خطاب كراهية وفقاً لتفسير المحكمة الامريكية العليا.
وقد جوبه طلب حكومة الولايات المتحدة من شركة غوغل حذف الفيلم بالرفض بحجة حرية التعبير وعدم مخالفة معايير وضوابط الموقع.
ومع ذلك فقد صرح قانونيون قبطيون ومسلمون في مصر ينتمي بعضهم لهيئة “مواجهة ازدراء الاديان” بأنهم يعتزمون ملاحقة صانعي الفيلم المسيء قانونياً وإنهم سيتوجهون قريباً الى الأمم المتحدة لتقديم شكوى بخصوص ذلك. كما صرح بذلك عضو الهيئة المحامي القبطي ممدوح رمزي لوكالة الانباء الالمانية، وأضاف إن الوفد سيضم في عضويته عدة محامين أقباط إضافةً له منهم ، نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان ، وعدد من المحامين المسلمين بينهم وكيل نقابة المحامين محمد الدماطي الذي سيتولى اختيار باقي أعضاء الوفد المسلمين. وقال رمزي: “سنقدم مذكرة للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان بها ضد صناع الفيلم، كما ندرس إمكانية ملاحقة صناع الفيلم أمام القضاء الأمريكي.وضمن نفس السياق أمر النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود يوم 18 أيلول ، بمحاكمة سبعة من الأقباط المصريين في المهجر على خلفية دورهم في الفيلم المسيء للإسلام، الذي تسبّب بمظاهرات غاضبة في عدد من الدول. وقال بيان صادر عن مكتب النائب العام، إن “الأقباط السبعة متورطون في إنتاج الفيلم أو توزيعه، وهم متهمون بإهانة الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتحريض على ازدراء الأديان”. وذكر البيان إن السبعة هم موريس صادق، ونبيل بسادة، وعصمت زقلمة، وإيليا باسيلي، وإيهاب يعقوب، وجاك عطا الله، وعادل رياض”. وكان النائب العام المصري قرَّر سابقاً أن يوضع على قوائم ترقّب الوصول بالمطارات والمرافئ المصرية كل من القس الأميركي تيري جونز، وإيهاب يعقوب، وجاك عطا الله، وناهد متولي، وإيليا باسيلي، وعادل رياض.
ورغم ما يقال حول حرية التعبير وعدم وجود ما يمنع من نشر الفيديو المسيء واشباهه في الولايات المتحدة الامريكية إلا ان ذلك لا يمنع من طلب إعادة النظر في مثل هكذا قوانين أو طرح تشريعات جديدة تكون منصفة للآخرين، فحرية التعبير لا تعني الفوضى ، وأن تنتقد ديناً معيناً بإنصاف وعلمية شيء وأن تستهزئ وتكذب وتزور وترسم رسوم مشينة وتستعين بمقاطع فاحشة شيء آخر.
ولا ندري لماذا يتم تصنيف كل عمل معادٍ للإسلام ولرسوله الكريم على إنه ضمن إطار حرية التعبير في حين إن أي عمل معادٍ-ولو تخميناً- للصهيونية يصنف على إنه معادٍ للسامية ويتم تجريم الناس وخنق حرية التعبير بناءً على ذلك، كما حدث مع المخرج العالمي “كوستا غافراس” عقب إخراج فيلمه الشهير “هانا كيه” في ثمانينات القرن الماضي، أو كما حدث مع مفكر فرنسا العظيم “روجيه غارودي”، الذي حوكم وأدين وصدر ضده حكم بالسجن، عندما طرح وجهة نظره الخاصة التي كشف فيها زيف الهولوكوست النازي ضد اليهود؟!!
معاداة السامية تعرف على إنها “أي عمل فيه شك أو شبهة كراهية لليهود أو تمييز ضدهم لأسباب تعود لتراثهم ودينهم” وهذا التعريف أو قريب منه هو الذي تتبناه التشريعات الغربية ومنها الامريكية، والغريب ان سام هو جد اليهود-المنتسبين بالنسب إلى النبي يعقوب- والعرب معاً إضافة لأمم أخرى، فكيف تكون السامية حكراً لليهود دون غيرهم مع العلم إن الكثير من اليهود الآن لا تربطهم بالنبي يعقوب أي صلة نسبية.
والغريب أيضاً إن هذه الحكومات تدعي العلمانية وتتعامل مع موضوع اليهود من وجهة نظر دينية ، فالسامية تسمية دينية في الاصل. ووفقاً لرأي الكثيرين فإن قوانين معاداة السامية تعارض حرية التعبير.
فلماذا تشرع قوانين تحمي اليهود وتراثهم حتى من النقد العلمي البناء والمسلمين وتراثهم عرضة لاستهزاء المستهزئين؟!!
يبدو إننا ندفع ثمن تفرقنا وتخاذل من تسلط على رقابنا وصمتنا عن ذلك!!

تأثيرات الفيلم المسيء:
تم تقييم الفيلم على إنه رديء جداً من الناحية الفنية والادبية ولم يكن قد انتشر لولا حساسية الموضوع الذي يتحدث عنه والاسلوب المشين الذي اتخذه ،ورغم ان مشاهدات الفيلم قد زادت على اليوتيوب بعد شن حملة عليه وهذا أمر طبيعي بدافع الفضول أو الرد أو لدوافع أخرى، فإن الفيلم ترتبت عليه آثار ايجابية لم تكن في حسبان من انتجوه فوفقاً لبعض المواقع فإن مبيعات الكتب الاسلامية او التي تتحدث عن الاسلام في بريطانيا انتعشت بعد نشر الفيلم بنسبة تصل الى 30% ، كما وكان الفيلم سبباً في مراجعة مواقف الاساءة ومعاداة الاسلام والرسول صلى الله عليه وآله وتوحيد موقف المسلمين تجاه ذلك، والدعوة لإعادة مراجعة التاريخ الاسلامي والنصوص المدونة حوله والاحاديث المنسوبة للرسول الكريم، وربما ان استمر الضغط فقد يقود إلى تشريع قوانين أو وضع ضوابط تمنع تكرار مثل تلك الاساءات في المستقبل أو تحد منها.

رشيد السراي
1/10/2013

Comments (0)
Add Comment