الاعتراضات وردود الافعال التي لها تعرض السيد وزير العدل مع مشروعي قانوني الاحوال الشخصية والقضاء الجعفريين وحملة الاستهداف والانتقاد والتسقيط لم تكن امورا مستغربة في بلد تشهد قياداته انحسارا في المنجز ويعاني مجتمعه مزيدا من الانكفاء والانغلاق على الذات بعد ان عظمت بوجهه التحديات الامنية
والسياسية والاقتصادية وبات الشغل الشاغل للكتل المتصدية هو كيفية ابقاء العملية السياسية على قيد الحياة بعدما اعرض الشارع العراقي عن الاهتمام باللعبة السياسية التي تختلف تطبيقاتها عن تعليماتها وادار الناخب وجهه نحو رغيف خبزه وهموم عيشه.
كما لم يكن مستغربا ان تنفر طائفة من الناس للدفاع عن مشروعي القانونين المذكورين ساعين لاقناع اخوانهم وشركائهم في الوطن بمحاسنهما بعدما نفرت فرق من قبلهم لتشويه صورتيهما والتشكيك بمقاصدهما.
منذ ان خلق الله تعالى الانسان وجعله خليفة في ارضه انزل له التشريعات التي تنظم عمله وعلاقاته مع بني جنسه كان التحدي انه كلما تعارضت هذه التشريعات مع مصالح فئات من الناس تبدأ صولات الفتن تعصف بالمجتمعات لتبلغ في احيان كثيرة حد التصفية الجسدية في احداث قصمت ظهر التاريخ وصدقت قول الملائكة (اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء).
الانسان ادرك بعقله ومنذ ان وطأت قدماه الارض ان امامه سبيلان ، سبيل الرشد وسبيل الغي وان له الخيار في سلوك اي السبيلين ، وغاية مايختلف فيه المؤمن عن غيره هو اعتقاد المؤمن بان سلوك سبيل الرشد يؤدي الى الجنة وان سلوك سبيل الغي يؤدي الى النار ، الاخرون لديهم سائر المقولات الاخرى.
كثير من المراقبين ومنهم بعض اخواننا اعزهم الله ذهب ظنهم الى ان مشاريع القوانين المذكورة هي من ابداعات السيد وزير العدل التي يرغب بتسويقها لغاية في نفسه فاوقعوا انفسهم في خطأ واشتباه.
وزير العدل سطر للناس احكام الشريعة الاسلامية فيما يخص الوقائع الاجتماعية التي تضمنهما القانونان ولم يأت بشئ من عنده فهو يعرض كتاب الله على الناس ولا يملك ان يجبرهم على الايمان به
، وليس جديدا ان ينقسم الناس ازاء هذا الدعوى -شأنهم في كل دعوى- فمنهم من يؤمن به ومنهم من يقول اساطير الاولين اكتتبها.
الذين سمعت اقوالهم ممن لايؤيد تشريع القانونين -وهم يمثلون شرائح متنوعة من الناس- اقرّوا بان هذين المشروعين هما قانونان اسلاميان شرعيان ولكن تباينت وجهات نظرهم ازاءها ، فمنهم من قال ان الوقت غير مناسب لتشريع هذين القانونين مع انه يبدي غاية العجب والتأثر بموقف امير المؤمنين (ع) عندما قيل له ان الوقت غير مناسب لاقالة معاوية فاجاب (ع):او اطلب النصر بالجور؟
اخرون قالوا ليس لدينا البنى التحتية لانشاء تلك المحاكم ، وغيرهم قالوا صحيح ان القانون شرعي ولكن ليس واجب الحكومة الاهتمام بتشريع القوانين الشرعية فيما تساءل قليلون عن جدوى هذا القانون.
الخلاصة ان احدا لم ينكر ان مشروعي القانونين مطابقان لاحكام الشريعة الاسلامية ونحن نكتفي بهذا حجة بيننا -كمؤيدين لتشريع القانونين- وبين من خالفنا -كمعارضين لهذا التشريع-.
من المهم ايضاح الجواب عن كل تساؤل وترك الردود الانفعالية التي لاطائل منها غير تعميق الخلاف وتكثير العقبات في طريق التفاهم فقد لاحظت ان اكثر الداعين للدولة المدنية يستصحبون تطبيقات قرار مجلس الحكم رقم (١٣٧) الذي الغاه البرلمان لاحقا ، مع الاختلاف الواضح بين الحالين.
اننا مأمورون بالسعي وبذل الجهد للوصول الى الهدف الاسمى وهو رضا الله تبارك وتعالى ومن مصاديق السعي وبذل الجهد هو الصبر على الدعوة وسماع الاخر والحوار معه وان نجسد قول الله سبحانه وتعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) وان يترك بعض المتحمسين المخاشنة بالالفاظ فلو (شاء الله لهدى الناس جميعا) و (ما انت عليهم بجبار) وقد امر الحق تعالى رسوله (ص) بالصبر والاصرار على الدعوة وهون عليه اعراض الناس بقوله عز وجل (انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء) .
ونحن نعلم جميعا ان نزاهة الخطاب تتجلى في اوقات الاختلاف اكثر منها في اوقات الائتلاف.
هاشم الهاشمي :
الأمين العام لحزب الفضيلة الاسلامي
٣١ ت١ ٢٠١